القول أنه منبوذ ومرذول (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) فيه تنويه بأن مجالسة الكافر أو الفاسق مباحة ذاتا محرمة عرضا أي إذا اشتملت على الحرام (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) في الجرم والجريمة إذا شاركتموهم في الخوض بالباطل والاستهزاء في الحق والعدل.
١٤١ ـ (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) المنافقون الانتهازيون ينتظرون بكم أيها المسلمون دوائر الزمان عليكم (فَإِنْ كانَ لَكُمْ) أيها المسلمون (فَتْحٌ مِنَ اللهِ) ونصر على الكافرين (قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) ونشارككم الضراء والغرم ، فإذن اشركونا في السراء والغنم (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) وكانت لهم القوة والغلبة على المسلمين (قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) ألم نتمكن من قبلكم حين كنّا في جيش المسلمين ظاهرا ومعكم باطنا؟ (وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي حميناكم من المسلمين بالتثبيط والمكر والخداع؟ فأين الأجر؟ وهكذا كل منافق انتهازي يتعامل مع كل فريق بالمكر والخداع على أساس المنفعة الشخصية. (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) بالحق ، فيجزي الصادقين بصدقهم والمنافقين بما كانوا يكسبون (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) في عالم التشريع وجعل الأحكام.
١٤٢ ـ (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) بإظهار الإسلام كذبا ونفاقا (وَهُوَ خادِعُهُمْ) غالبهم ويجازيهم على نفاقهم وخداعهم (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى) لأنهم بها كافرون ، ويتكلفونها لمجرد أنهم (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) والمراد بذكره تعالى هنا الصلاة ، والمعنى لا يصلون إلا حين يراهم الناس ، ولهم أشباه ونظائر في كل عصر.
١٤٣ ـ (مُذَبْذَبِينَ) مضطربين (بَيْنَ ذلِكَ) أي بين المسلمين والكفار تارة هنا وتارة هناك (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) بل إلى أهوائهم ومنافعهم (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) تقدم بالحرف في الآية ٨٨ من هذه السورة.
١٤٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) وتكرر هذا التحذير في كتاب الله ، والسر أن الكفر ألوان ، ومن آثر موالاة الكافر على موالاة المؤمن فقد ارتكب لونا من ألوان الكفر(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا
____________________________________
الإعراب : جملة (وَهُوَ خادِعُهُمْ) مستأنفه لا محل لها من الاعراب ، كأنّ سائلا يسأل : ما هو جزاء المخادعين؟ فأجيب بأن وبال خداعهم يرجع عليهم. (كُسالى) حال من الواو في قاموا. وجملة (يُراؤُنَ) حال ثانية. و (قَلِيلاً) نعت لمصدر محذوف ، أي إلا ذكرا قليلا.