الآجلة في جميع تصرفاتكم (وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) كل ما نزل في كتاب الله من آيات وثبت في سنة نبيه من روايات في ذم الدنيا ـ فالمراد بها دنيا الشيطان ومعصية الرّحمن ، أما دنيا الله وطاعته فهي السبيل الوحيد إلى رضوانه وجنته ، قال رجل للإمام جعفر الصادق (ع) إني أحب الدنيا. فقال له تصنع بها ما ذا؟ قال : أتزوج منها ، وأحج وأنفق على عيالي ، وأنيل إخواني وأتصدق. قال الإمام : ليس هذا من الدنيا هذا من الآخرة ، وعليه فمعنى الآية : للإنسان أن يحب المال والأرحام والعيال وكل ما لذ وطاب ، على أن لا يتجاوز الحلال إلى الحرام ، ولا يكون شيء من ذلك على حساب الآخرين.
٢٥ ـ (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) في العديد من مواقف الحرب ، منها بدر وخيبر وفتح مكة (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) واد بين مكة والطائف (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) كان المسلمون آنذاك ١٢ ألفا ، فقال بعضهم : لن نغلب اليوم من قلة (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) وهذي هي عاقبة الغرور ، فمن الإعجاب بالعدة والعدد إلى أبشع الهزائم ، وثبت مع رسول الله علي بن أبي طالب حامل الراية يقاتلهم بسيفه دفاعا عن رسول الله ، والعباس آخذ بلجام بغلته ، والفضل بن العباس عن يمين النبي والمغيرة بن الحارث بن عبد المطلب عن يساره في تسعة من بني هاشم أيمن بن أم أيمن ، وقصة حنين مذكورة في كتب التاريخ والسيرة.
٢٦ ـ (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) تطلق كلمة السكينة على ثقة الإنسان واطمئنانه إلى رأيه وبرهانه وعقيدته وإيمانه ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) ـ ٢٦ الفتح» وأيضا نطلق على التفاؤل بالخير والاطمئنان إلى الربح والنصر وهذا المعنى هو المراد هنا بقرينة السياق ، ولا مانعة جمع بين المعنيين ، وعلى أية حال فإن السكينة هي المصدر والأساس للصبر والصمود في كل جهاد ونضال أيا كان نوعه. (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) وليس من الضروري أن نكون هذه الجنود ملائكة من السماء ما دامت لم تذكر وتنطق الآية بذلك ، فإن كل شيء هو من جنوده تعالى حتى الرعب والجبن وما إلى ذلك من أسباب الضعف والهزيمة (وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالقتل والأمر.
٢٧ ـ (ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ) بعد أن يسلك طريق الهداية والتوبة ، وقد جاء وفد من هوازن من الذين حاربوا المسلمين يوم حنين ، إلى رسول الله (ص) تائبين مسلمين ، فقبل إسلامهم ، ورد عليهم ما طلبوه من الغنائم ٢٨ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) نجاسة ذاتية ، لأن الشرك بالله ظلم عظيم من حيث هو لا بسبب طارئ ، ولا بد من الإشارة إلى أن القرآن الكريم يفرق في بعض أحكامه بين المشركين وأهل الكتاب ، ويعتبر هما صنفين لا صنفا واحدا ، وقد عطف المشركين على أهل الكتاب في أكثر من آية ، ومن ذلك : «ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ـ ١٠٥ البقرة». وأيضا لا بد من الإشارة إلى أن أنصار الرأسمالية الغربية الحديثة هم