٥٨ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً) مقيمين أم مهاجرين ، بل فضّل الله المهاجرين في سبيل الله درجة وكلا وعد الله الحسنى.
٥٩ ـ (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ثبتوا على دينهم وهاجروا به ، وتوكلوا على الله في كل حال ، وقد رأينا أرزاق المهاجرين أكثر وأوسع ، وأطيب وأنفع.
٦٠ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) الله سبحانه هو الذي يعطي كل نفس جميع ما تحتاج ، ولكن مع الحركة والعمل لأنه أبى سبحانه إلا أن يربط المسببات بأسبابها والنتائج بمقدماتها ، وحركة كل حي بحسبه ، كما نرى من سعي النحلة والنملة والطير ووحش الغاب ، ومن الإنسان وكل حيوان أما المريض أو الكسيح فإن الله يسخر له من يقوم بحاجته ، وفي شتى الأحوال فإن أسباب الرزق وغيره تنتهي إليه لأنه خالق كل شيء. وكتبت كثيرا حول الرزق ، ولعل أفضله ـ فيما أظن ـ ما ذكرته في شرح الحكمة ٣٧٨ من حكم نهج البلاغة. أنظر في ضلال نهج البلاغة ج ٤ ص ٤٤٠.
٦١ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) المسئولون هم الجبابرة المترفون ، وقد أعلنوا إيمانهم بالله الذي منحهم الحرية المطلقة في أن يزلزلوا الأمن والأمان ، ويرهبوا العالم ، وينهبوا الأمم! وما من شك أن هذه الفئة الحرة القذرة هي أسوأ حالا عند الله ممن كفر به أو أشرك.
٦٢ ـ (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) أي يضيق ، وقلنا فيما تقدم ونكرر أن مشيئة الله منزهة عن العبث والمجازفة وعليه يكون معنى الآية أن الله سبحانه يوسع الرزق أو يضيقه تبعا لأسبابة السائغة شرعا وعقلا ، أما المال الحرام فما هو من رزق الله في شيء ، بل هو غضب ونهب وسموم ويحموم.
٦٣ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ) الماء هو السبب الأول والأساس للرزق ، وقد أنزله الله من السماء باعتراف المحتكرين والمستأثرين والله للجميع لا لفئة دون فئة أو لفرد دون فرد ، فالرزق كذلك لا يسوغ لأحد أن يحتكره ويتحكم به.
٦٤ ـ (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) المراد بالدنيا هنا القصور والفجور والصهباء والليالي الحمراء ، والبذخ على حساب الضعفاء وإلّا فإن المال الحلال أحد السبل لمرضاة الله وطاعته ، ونقلوا عن الإمام الشافعي أنه كان لا يحسن التفكير في مسألة إذا شعر أن بيته خلا من الدقيق. وقال الرسول الأعظم (ص) : «كاد الفقر يكون كفرا» (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) الحياة الطيبة الدائمة وهذه الحياة وقف على الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ومعنى هذا أن الإسلام يربط بين دنيا الخير والآخرة بحيث تدور هذه مع تلك وجودا وعدما.
٦٥ ـ (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ ...) تقدم في الآية ٢٢ من يونس.