طاعة الله حتى النفس الأخير فهم المؤمنون حقا (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ) عند الموت (الْمَلائِكَةُ) بالبشرى من الله بأن لهم عنده لزلفى وحسن المآب ، أما الذين قالوا : ربنا الله ، ثم قاسوا كل ما في الوجود بالمنافع والنقود ، فهم شر من الشر لهم في الدنيا خزي ، ولهم في الآخرة ما هو أخزى وأشد تنكيلا.
٣١ ـ (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) ما زال الكلام لملائكة الرحمة مع الذين أطاعوا واستقاموا على الطاعة ، وتقول الملائكة لهؤلاء عند الاحتضار : لا تخافوا ، فعما قليل تجدون ما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين.
٣٢ ـ (نُزُلاً) ضيافة وإكراما ، وانتصب على الحال من اسم الموصول وهو «ما» (مِنْ غَفُورٍ) لذنوبكم (رَحِيمٍ) بكم ٣٣ ـ (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وإذا قرأنا هذه الآية منضمة إلى قوله تعالى : (قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) تبين لنا أن الإيمان على ثلاث شعب : الأولى إعلان الإيمان بالله ولو كره الجاحدون ، لثانية العمل بشريعة الله بإخلاص ، الثالثة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أما قوله : انني من المسلمين فمعناه أنا على علم اليقين أني من المهتدين ، وان ديني هو دين الله القويم.
٣٤ ـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) بحكم الطبيعة والبديهة وإلا كان المحسن والمسيء والتقي والشقي بمنزلة سواء (ادْفَعْ) يا محمد من أساء إليك (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) تعاطف مع الناس ، واصبر على أذاهم ، فإن بعضهم إذا تسامحت معه عاد إلى رشده ولام نفسه ، وانقلبت عداوته لك إلى حب وولاء ، وقد استفاضت كتب السيرة والتاريخ أن شمائل محمد (ص) وأخلاقه هي أخلاق القرآن ، ولا بدع فإن على كل مصلح أن يكون قدوة في دعوته عملا قبل أن تكون قولا ، وفعلا قبل أن تكون أمرا ونهيا.
٣٥ ـ (وَما يُلَقَّاها) أي فضيلة تدفع السيئة بالحسنة (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) صبر الأقوياء الأحرار (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الفضائل والمكارم.
٣٦ ـ (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ ...) «إما» كلمتان : إن الشرطية وما الزائدة ، والتعليق على محال ليس بمحال ، فقوله تعالى : لئن أشركت ليحبطن عملك ـ ٦٥ الزمر ، يخاطب به من لا يشرك حتى ولو شنق ، وتقدم بالحرف في الآية ٢٠٠ من الأعراف.
٣٧ ـ (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ...) الخطاب للصابئة وكل من يعبد الكواكب ، والمعنى ما هذه إلا مخلوقات لله تعالى فاعبدوه وحده لا شريك له ، ويجب السجود عند تلاوة هذه الآية أو الاستماع إليها ، والآية ١٥ من سورة السجدة و ٦٢ من النجم و ١٩ من العلق.