الْإِنْسانَ كَفُورٌ) بنعمة الله عليه ، وهي لا تعد ولا تحصى وتقدم في الآية ٩ من هود وغيرها.
٤٩ ـ (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) هو مبدع الكون ومالكه (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ).
٥٠ ـ (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) ليس المراد بيزوجهم الزواج المعروف ، بل المراد العطاء من صنف الإناث وصنف الذكور ، ومعنى الآية بجملتها أنه لا اختيار للإنسان في أن يجعل كل أولاده ذكورا أو إناثا أو هما معا ولكنه تعالى هو الذي قسم عباده أربعة أقسام : منهم له البنون فقط ، ومنهم البنات وكفى ومنهم هما معا ، ومنهم لا شيء.
٥١ ـ (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً ...) ذكر سبحانه في هذه الآية ثلاثة طرق للوحي : القذف في القلب أو الرؤيا في المنام كما حدث لإبراهيم (ع) في ذبح ولده إسماعيل (ع) وهذا هو المراد بقوله : (إِلَّا وَحْياً).
الثاني أن يخلق الكلام كما يخلق غيره من الكائنات ، فيسمع النبي الكلام ولا يرى المتكلم لأنه تعالى في ذاته غير مرئي كما كلم موسى (ع). وهذا هو المقصود بقوله : (مِنْ وَراءِ حِجابٍ).
الثالث أن يرسل إلى النبي ملكا يبلّغه رسالات ربه ، كما أوحى سبحانه القرآن إلى رسوله محمد (ص) بلسان جبريل (ع) ، وهذا هو المراد بقوله : (يُرْسِلَ رَسُولاً).
٥٢ ـ (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) المراد بالروح هنا القرآن ، لأنه حياة للأرواح والعقول (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ) القرآن (وَلَا الْإِيمانُ) بكل ما جاء في القرآن وشريعة الإسلام وآدابه وأخلاقه (وَلكِنْ جَعَلْناهُ) القرآن (نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا) وهم الذين طلبوا الهداية بإخلاص ومعرفة الحق للعمل به (وَإِنَّكَ) يا محمد (لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وفي الخطبة ١١٤ من نهج البلاغة : «أرسله داعيا إلى الحق وشاهدا على الخلق ، فبلغ رسالات ربه غير وان ولا مقصّر ، وجاهد في الله أعداءه غير واهن ولا معذر. امام من اتقى وبصر من اهتدى».
___________________________________
الإعراب : المصدر من أن يكلمه اسم كان ، و (لِبَشَرٍ) متعلق بمحذوف خبرها أي ما كان تكليم الله واقعا لبشر. و (إِلَّا وَحْياً) استثناء منقطع لأن الوحي غير التكليم. أو يرسل بالنصب عطفا على «وحيا» لأن المعنى الا أن يوحي. ولا يجوز عطف يرسل على أن يكلمه إذ يصير المعنى ان الله لا يكلم بشرا ولا يرسل إليه رسولا. وصراط الله بد من صراط مستقيم.