٣٦ ـ (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) المراد بالشيطان هنا كل ما يقود إلى الشر والفساد والمخاطر والتهلكة ، هوى كان أو وهما أو إنسانا أو أي شيء ، والمعنى من يتعامى عن دعوة الحق والخير ، وينطلق مع أهوائه ، يتخلى الله عنه ، ويكله إلى نفسه وشياطينه ، وتقدم في الآية ٢٥ من فصلت.
٣٧ ـ (وَإِنَّهُمْ) أي قرناء السوء (لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) طريق الهدى والحق.
٣٨ ـ (حَتَّى إِذا جاءَنا) الذي اتبع هواه وشيطانه ، ورأى عذاب الخزي والهوان (قالَ) لمن ضلله وأفسده : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) كناية عن أبعد الأمكنة وأقصاها (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) كنت والخدين.
٣٩ ـ (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) أنفسكم (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) قد يتعزى الإنسان في مصابه حين يرى مصيبة غيرة في الحياة الدنيا ، أما في عذاب الآخرة فلا تصبّر وعزاء.
٤٠ ـ (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) لمن تنادي ، وتنير السبيل؟ ولا سميع وبصير.
٤١ ـ (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) يا محمد إلى الرفيق الأعلى قبل أن ننتقم من المجرمين ولا بد من الإشارة إلى أن «إما» هنا ليست أداة تفصيل مثل إما شاكرا وإما كفورا ، بل هي كلمتان : ان الشرطية وما الزائدة (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) من بعدك.
٤٢ ـ ٤٣ ـ (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ) أي وإن بقيت حيا يا محمد أظهرك الله عليهم ، وأخضعهم لأمرك مرغمين ، وهذا ما حدث بالفعل حيث دخل الرسول مكة فاتحا ، واستسلم له عتاتها.
٤٤ ـ (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَذِكْرٌ لَكَ) يا محمد (وَلِقَوْمِكَ) العرب حيث رفع من شأنهم ، ونشر سلطانهم ولغتهم في شرق الأرض وغربها.
٤٥ ـ (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ ...) جميع الأنبياء والرسل دعوا إلى ما دعا إليه محمد ، ونهوا عما نهى فعلام أيها المعاندون تعلنون الحرب عليه وعلى دعوته؟
٤٦ ـ ٤٧ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى) هذي هي المرة السادسة عشرة التي تتكرر فيها قصة موسى ، وتأتي أيضا وتكلمنا فيما سبق عن السبب الموجب لهذا التكرار عند تفسير الآية ٩ من طه ، والآن نعطف على ما تقدم هذا السبب على سبيل الاحتمال ، وهو أن اليهود كانوا يجاورون محمدا (ص) في المدينة ، وقد عانى الكثير من مكرهم وغدرهم ، فذكرهم سبحانه بهذا التكرار والتوكيد أن محمدا تماما كموسى في دعوته وأهدافه ، فكيف تكفرون به ، وأنتم على دين موسى كما تزعمون؟