(م) الثالث ان وقوع التحريف فى القرآن على القول به لا يمنع من التمسك بالظواهر لعدم العلم الاجمالى باختلال الظواهر بذلك مع انه لو علم لكان من قبيل الشبهة الغير المحصورة مع انه لو كان من قبيل الشبهة المحصورة امكن القول بعدم قدحه لاحتمال كون الظاهر المصروف عن ظاهره من الظواهر الغير المتعلقة بالاحكام الشرعية العملية التى امرنا بالرجوع فيها الى ظاهر الكتاب فافهم.
(ش) اقول ان المراد من التحريف هنا زيادة شيء على كلام الله تعالى فى القرآن او نقص شيء منه حرفا كان او كلمة او كلاما ولو كثيرا واما التحريف من حيث الزيادة فلا ينبغى احتمالها بل لا يجوز لادعاء جمع من الاصحاب الاجماع علي عدمها واما التحريف من حيث النقيصة فقد اختلفوا فيه فالمشهور بين الاصوليين عدمه مطلقا وهو الذى ذهب اليه جمع من المحدثين كالصدوق فى اعتقاداته وغيره وذهب الى التحريف جمع من قدماء المحدثين كالكلينى وشيخه علي بن ابراهيم القمى صاحب التفسير والنعمانى وسعد بن عبد الله الاشعري وذهب اليه اكثر الاخباريين وذهب بعض المحققين الى وقوع التحريف بالنقصان فى غير آيات الاحكام وهو مذهب المحقق القمى فى القوانين ثم حاصل ما افاده الشيخ (قده) فى المقام انه علي القول بالتحريف لا مانع عن العمل بظواهر الكتاب على مقتضى القاعدة بعد احراز المقتضى للعمل اما اولا فلعدم وجود العلم الاجمالي بان التحريف صار منشئا لاختلاف ظواهر الكتاب واما ثانيا فلانه بعد تسليم وجود العلم الاجمالى باختلافها تكون الشبهة غير محصورة لان الآيات التى وقع التحريف فيها بالنسبة الى غيرها اقل قليل وقد تبين فى محله ان العلم الاجمالى فى الشبهة الغير المحصورة لا يوجب طرح الاصول وبمثل هذا يمكن ان يجاب عن العلم الاجمالى الذى اورده السيد صدر الدين بالنسبة الى المتشابهات ولو سلم كون الشبهة محصورة لكن نقول بعدم قدح العلم الاجمالى بعد خروج بعض اطرافها عن محل الابتلاء لاحتمال كون التحريف فيما لا يتعلق بالعمل وقد تقرر فى مسئلة العلم الاجمالى فى باب الشك فى المكلف به ان العلم الاجمالى الموجب لتنجز التكليف وطرح الاصول فى الشبهة المحصورة هو ما كان جميع اطرافه محلا للابتلاء للمكلف.