(م) الثانى انك قد عرفت انه لا فرق فيما يكون العلم فيه كاشفا محضا بين اسباب العلم وينسب الى غير واحد من اصحابنا الاخباريين عدم الاعتماد على القطع الحاصل من المقدمات العقلية القطعية الغير الضرورية لكثرة وقوع الاشتباه والغلط فيها فلا يمكن الركون الى شيء منها فان ارادوا عدم جواز الركون بعد حصول القطع فلا يعقل ذلك فى مقام اعتبار العلم من حيث الكشف ولو امكن الحكم بعدم اعتباره لجرى مثله فى القطع الحاصل من المقدمات الشرعية طابق النعل بالنعل وان ارادوا عدم جواز الخوض فى المطالب العقلية لتحصيل المطالب الشرعية لكثرة وقوع الغلط والاشتباه فيها فلو سلم ذلك واغمض عن المعارضة بكثرة ما يحصل من الخطاء فى فهم المطالب من الادلة الشرعية فله وجه وحينئذ فلو خاص فيها وحصل القطع بما لا يوافق الحكم الواقعى لم يعذر فى ذلك لتقصيره فى مقدمات التحصيل إلّا ان الشأن فى ثبوت كثرة الخطاء ازيد مما يقع فى فهم المطالب من الادلة الشرعية.
(ش) اقول ان هذا النزاع بين العلماء قد اشتهر فى زمن المولى محمد امين المعروف بالمحدث الأسترآباديّ تلميذ صاحب المدارك والسيد المحدث الجزائري تلميذ العلامة المجلسى مع معاصره الشيخ حر العاملى والسيد صدر الدين والشيخ يوسف صاحب الحدائق واما السابقون منهم فلم يتعرضوا لهذا النزاع بل كان نزاعهم فى هذا الباب مع الاشاعرة من حيث ان العقل هل يدرك الحسن والقبح ام لا ولو فرض ادراك العقل الحسن والقبح لم ينكروا حجية حكم العقل والعمل بالقطع الحاصل منه فالمسألة بالنسبة الى الحجية اجماعية ولو تقديرا واما انكار تحقق العلم وحجيته رأسا فلم يصدر عن احد الا السوفسطائية الذين ينكرون الحسيات والبديهيات.
ثم قد عرفت فيما سبق ان القطع اذا كان طريقا محضا فلا يفرق فيه بين اسبابه واشخاصه وازمانه وانه متى تحقق يتبعه حكم العقل تنجيزا بلزوم متابعته والحركة على وفقه بنحو يستحيل الردع عنه من قبل الشارع إلّا انه ينسب الى جملة من الاخباريين عدم اعتبار القطع الحاصل من المقدمات العقلية وادعى بعض ان هذه النسبة لا اصل لها بل الاخباريون ينكرون الملازمة بين حكم العقل والشرع وذهب آخرون منهم الى عدم ـ