(م) قوله فالكلام يقع فى مقاصد ثلاثة الاول فى القطع والثانى فى الظن والثالث فى الاصول العملية التى هى المرجع عند الشك اما الكلام فى المقصد الاول فنقول لا اشكال فى وجوب متابعة القطع والعمل عليه ما دام موجودا لانه بنفسه طريق الى الواقع وليس طريقيته قابلة لجعل الشارع اثباتا او نفيا ومن هنا يعلم ان اطلاق الحجة عليه ليس كاطلاق الحجة على الامارات المعتبرة شرعا لان الحجة عبارة عن الوسط الذى به يحتج على ثبوت الاكبر للاصغر ويصير واسطة للقطع بثبوته له كالتغير لاثبات حدوث العالم فقولنا الظن حجة والبينة حجة او فتوى المفتى حجة يراد به كون هذه الامور اوساطا لاثبات احكام متعلقاتها فيقال هذا مظنون الخمرية وكل مظنون الخمرية يجب الاجتناب عنه وكذلك قولنا هذا الفعل مما افتى به المفتي بتحريمه او قامت البينة على كونه محرما وكلما كان كذلك فهو حرام وهذا بخلاف القطع لانه اذا قطع بخمرية شيء فيقال هذا خمر وكل خمر يجب الاجتناب عنه ولا يقال ان هذا معلوم الخمرية وكل معلوم الخمرية حكمه كذا لان احكام الخمر انما تثبت للخمر لا لما علم انه خمر والحاصل ان كون القطع حجة غير معقول لان الحجة ما يوجب القطع بالمطلوب فلا يطلق على نفس القطع هذا كله بالنسبة الى متعلق القطع وهو الامر المقطوع به.
(ش) قوله لا اشكال فى وجوب متابعة القطع والعمل عليه ... اقول ان البحث فى حجية القطع من جهتين.
الاولى فى ان طريقيته ذاتية او جعلية فالحق ان طريقيته ذاتية لا تنالها يد التشريع اثباتا ولا نفيا اذ لا معنى لتشريع ما هو حاصل بذاته ومنجعل بنفسه فان الجعل التشريعى انما يتعلق بما يكون تكوينه عين تشريعه لا ما يكون متكونا بنفسه وطريقية القطع تكون كذلك فلا يمكن جعل الطريقية له ولا نفيها عنه ومما ذكرنا يظهر انه لا حاجة الى ما تكفل به جمع من الاستدلال للمدعى بلزوم التسلسل او التناقض ومحصل ما ذكروه ما حاصله ان اعتباره وحجيته ليس بجعل الشارع اثباتا ونفيا.