(م) اقول يرد عليه اولا منع ما ذكره من عدم كون قبح التجرى ذاتيا لان التجرى على المولى قبيح ذاتا سواء كان لنفس الفعل او لكشفه عن كونه جريئا فيمتنع عروض الصفة المحسنة له وفى مقابله الانقياد لله تعالي سبحانه فانه يمتنع ان يعرض له جهة مقبحة وثانيا انه لو سلم انه لا امتناع فى ان يعرض له جهة محسنة لكنه باق على قبحه ما لم يعرض له تلك الجهة وليس مما لا يعرض له فى نفسه حسن ولا قبح إلّا بملاحظة ما يتحقق فى ضمنه وبعبارة اخرى لو سلمنا عدم كونه علة تامة للقبح كالظلم فلا شك فى كونه مقتضيا له كالكذب وليس من قبيل الافعال التي لا يدرك العقل بملاحظتها فى انفسها حسنها ولا قبحها وحينئذ فيتوقف ارتفاع قبحه علي انضمام جهة يتدارك بها قبحه كالكذب ـ
(ش) اقول ان ما اجاب به الشيخ قدسسره عن ما اختاره صاحب الفصول (قده) من الدعاوى الثلاثة التى ذكرت بتوضيح منا ما حاصله (اما الجواب عن الاولى) ففيه منع كون قبح التجرى بالوجوه والاعتبارات اذ الفعل الصادر بعنوان التجرى يكون بنفسه مصداقا للظلم وحكم العقل بقبح الظلم ذاتا يكون من الاحكام العقلية الضرورية وبعبارة اخرى ان الافعال باعتبار كونها حسنة او قبيحة بحكم العقل على انواع (فان منها) ما ليس فيه اقتضاء الحسن والقبح اصلا ويحتاج فى اتصافه بهما إلى عروض عنوان خارجى عليه وهذا كالمباحات فانها لا تتصف بالحسن والقبح فى حد ذواتها نعم اذا عرض لها عنوان محسن او مقبح فهى تتصف بالحسن او القبح (ومنها) ما يكون فيه اقتضاء الحسن او القبح لكن لا يمتنع ان يعرض له عنوان آخر يغيره عما هو عليه وهذا كالصدق والكذب فان الاول مقتض للحسن ما لم يكن هناك جهة اخرى كالاضرار بمؤمن كما ان الثانى فيه اقتضاء القبح وما لم يعرض له جهة محسنة كانجاء مؤمن او دفع فتنة فالصدق مع بقاء عنوانه يمكن ان يتصف بالقبح لعروض عنوان آخر كما ان الكذب مع كونه كذبا يمكن ان يتصف بالحسن لامر خارجى
ومنها ما يكون علة تامة للحسن او القبح ولا يمكن فيه الانفكاك اصلا وهذا كالعدل والظلم فانهما مع بقائهما علي عنوانهما يستحيل ان يتغيرا عما هما عليه نعم يمكن ان يكون بعض العناوين مخرجا للشىء عن كونه عدلا او ظلما كما فى ضرب اليتيم فانه ـ