(م) وينبغى التنبيه على امور الاول : انه قد عرفت ان القاطع لا يحتاج فى العمل بقطعه الى ازيد من الادلة المثبتة لاحكام مقطوعه فيجعل ذلك كبرى لصغرى قطع بها فيقطع بالنتيجة فاذا قطع بكون شىء خمرا وقام الدليل على كون الخمر فى نفسها هى الحرمة فيقطع بحرمة ذلك الشىء لكن الكلام فى ان قطعه هذا هل هو حجة عليه من الشارع وان كان مخالفا للواقع فى علم الله تعالي فيعاقب علي مخالفته او انه حجة عليه اذا صادف الواقع بمعنى انه لو شرب الخمر الواقعى عالما عوقب عليه فى مقابل من شربها جاهلا لا انه يعاقب على شرب ما قطع بكونه خمرا وان لم يكن خمرا فى الواقع.
(ش) اقول قبل بيان محل النزاع لا بد من بيان نكتة وهى ان الخلاف الواقع فى هذه المسألة انما هو بالنظر الى القطع الطريقى المحض والموضوع الطريقى دون الموضوعى الصفتى اذا النزاع انما يجرى فيما يكون له واقع ويكون القطع مخالفا له وهذا لا يتصور إلّا بالنسبة الى الطريقى والموضوعى الكشفى بخلاف القطع الموضوعى الصفتي اذ الواقع فيه هو نفس القطع فلو خالفه خالف الواقع ولم ينكشف الخلاف بالنسبة اليه وينبغى ان يعلم ايضا ان محل النزاع انما هو اعتبار القطع بالنسبة الى احكام متعلقه بعنوان انه مقطوع لا بالنسبة الى نفس المتعلق لعدم قابليته للتصرف والجعل بالنسبة اليه ليتنازع فى انه حجة من قبل الشارع اولا فعلى هذا لا منافاة بين ما ذكره هاهنا من النزاع فى الحجية وبين ما سبق فى صدر الباب من انه غير قابل للجعل اصلا فمعنى الحجة فى قوله قدسسره فى ان قطعه هذا هل هو حجة عليه من الشارع انه كان لله تعالى ان يحتج به عليه ويعاقبه عند مخالفته لقطعه وان كان جهلا مركبا ام لا؟ اذا عرفت هذا فنقول محصل الكلام فى هذا المقام انه لا ريب ان الواقع من حيث هو واقع يترتب بالنسبة اليه الثواب والعقاب علي الفعل والترك وكذا لا شك فى ان المكلف لو اعتقد وجوب شىء وفعله او حرمة شيء وتركه وطابق اعتقاده الواقع عد ممتثلا ومطيعا كما يعد عاصيا لو خالف اعتقاده فعلا او تركا وانما الكلام فى انه لو خالف اعتقاده الواقع كما اذا اعتقد وجوب ما هو حرام فى الواقع او عكسه وفعل علي وفق اعتقاده فالانقياد والتجرى فيهما بالفعل والترك هل يوجبان حسنا او قبحا فى نفس الفعل بعد وضوح كشفهما عن سوء سريرة المكلف وطيبه ـ