ـ اولا ولا يخفى عليك ان هذه المسألة عقلية لا شرعية لان استحقاق الثواب والعقاب وما يتبعه ليس مما يقبل الجعل الشرعى لاستقلال العقل به وان كان للشارع العفو عن العاصى المستحق للعقاب كما سيأتى الاشارة الى هذا فى مباحث اصالة البراءة
الحاصل لا اشكال فى كون القطع حجة وقاطعا للعذر مع المصادفة بحيث يوجب استحقاق العقوبة على المخالفة والمثوبة على الموافقة وانما الكلام فى كون القطع قاطعا للعذر مطلقا حتى فى فرض عدم المصادفة بمحض كونه تجريا على المولى باتيان ما قطع بانه حرام ومبغوض مثلا اولا فيه وجوه واقوال :
منها ما اختاره الشيخ قدسسره من عدم اقتضاء التجرى شيئا سوى الكشف عن سوء سريرة الفاعل وخبث باطنه الذى لا يترتب عليه سوى اللوم كالبخل والحسد ونحوهما من الاوصاف المذمومة التى لا يترتب عليها استحقاق العقوبة ما لم تظهر فى الخارج مع بقاء العمل المتجرى به على ما هو عليه من الحكم قبل تعلق القطع به. ومنها اقتضائه لاستحقاق العقوبة على مجرد العزم على العصيان محضا لا على الفعل المتجرى به نظرا الى ان التجرى كالتشريع من المحرمات الجنانية لا الجوارحية كما افاده صاحب الكفاية.
ومنها اقتضائه لاستحقاق العقوبة على نفس التجرى اعنى الفعل المتجرى به لا على العزم كما افاده بعض من المحققين من جهة انطباق عنوان الطغيان عليه مع بقاء ذات العمل على ما هو عليه فى الواقع بلا استتباعه لحرمته شرعا بهذا العنوان الطارى.
ومنها ما اختاره صاحب الفصول رحمهالله من ان التجرى يصير العمل محرما شرعيا لكن لا مطلقا بل فى بعض الموارد نظرا الى دعوى مزاحمة الجهات الواقعية مع الجهات الظاهرية وسيأتى إن شاء الله تعالى عن قريب بيان وجه مدعاه قدسسره ولا يخفى عليك ان الوجوه المتصورة فى مسئلة التجرى ستة ونحن ذكرنا ما هو العمدة منها. والتحقيق انه لا فرق فى نظر العقل فى قبح الاتيان بما هو مقطوع الحرمة بين ان ـ