ـ عليه هذه الادلة مدح العقل الفطرى الصحيح الخالي عن شوائب الاوهام العارى عن كدورات العصبية وانه بهذا المعنى حجة إلهية لادراكه بصفاء نورانيته واصل فطرته بعض الامور التكليفية وقبوله لما يجهل منها متى ورد عليه الشرع بها وهو اعم من ان يكون بادراكه ذلك اولا او قبوله لها ثانيا كما عرفت.
ولا ريب ان الاحكام الفقهية من عبادات وغيرها كلها توقيفية تحتاج الى السماع من حافظ الشريعة ولهذا قد استفاضت الاخبار بالنهى عن القول فى الاحكام الشرعية بغير سماع منهم عليهمالسلام وعلم صادر عنهم صلوات الله عليهم ووجوب التوقف والاحتياط مع عدم تيسر طريق العلم ووجوب الرد اليهم فى جملة منها وما ذاك إلّا لقصور العقل المذكور عن الاطلاع على اغوارها واحجامه عن التلجج فى لجج بحارها بل لو تم للعقل الاستقلال بذلك لبطل ارسال الرسل وانزال الكتب ومن ثم تواترت الاخبار ناعية على اصحاب القياس بذلك.
ومن الاخبار المؤكدة لما ذكرنا رواية ابى حمزة عن ابى جعفر عليهالسلام فى حديث طويل قال ان الله يكل امره الى خلقه لا الى ملك مقرب ولا الى نبى مرسل ولكنه ارسل رسولا من ملائكته فقال له قل كذا وكذا فامرهم بما يحب ونهاهم عما يكره الحديث روى هذا الحديث صاحب الوسائل فى باب (٦) من ابواب صفات القاضى وما يجوزان يقضى به من كتاب القضاء ومنها رواية ابى بصير قال قلت ترد علينا اشياء ليس نعرفها فى كتاب الله ولا سنته فننظر فيها فقال لا اما انك ان اصبت لم توجر وان اخطأت كذبت على الله.
ومنها حديث عن امير المؤمنين عليهالسلام ان المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن اتاه من ربه فاخذ به وفى آخر لما قال السائل له عليهالسلام ما رأيك فى كذا قال عليهالسلام واى محل للرأى هنا انا اذا قلنا حدثنا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن جبرائيل عن الله الى غير ذلك من الاخبار المتواترة معنى الدالة على كون الشريعة توقيفية لا مدخل للعقل فى استنباط شىء من احكامها بوجه انتهى والبحث بالنسبة الى ما لا يتوقف على التوقيف يأتى عن قريب قوله قدسسره إلّا انه صرح بحجية العقل الفطرى الخ اقول ان ـ