الذّبح » وأشار بيده إلىٰ حلقه (١). وكان يشغل أكثر أوقاته بالعبادة ، ومع ذلك ألقوه في غياهب السجون أكثر من مرة على الرغم من تصريحه لهم بعدم الخروج عليهم ، مع كل ذلك أمر المهدي العباسي (١٥٨ ـ ١٦٩ هـ) بجلبه إلىٰ بغداد وحبسه ، وقال له : تؤمنني أن لاتخرج عليّ أو على أحد من ولدي ؟ فقال الإمام عليهالسلام : « لا والله ! لافعلت ذلك ، ولا هو من شأني ». ولما هلك المهدي وقدم هارون إلىٰ المدينة منصرفاً من عمرة رمضان سنة ١٧٩ هـ ، حمل معه موسى الكاظم عليهالسلام إلىٰ بغداد وحبسه إلى أن توفي في محبسه (٢) ، قتله السندي بن شاهك في سم جعله في طعام قدّمه إليه (٣).
وبذلك عاصر الإمام الرضا عليهالسلام مأساة أبيه من بدايتها إلىٰ نهايتها ، تلك المأساة التي تمثل من جهة أخرىٰ رسالة مفتوحة في خطاب التهديد والإنذار والوعيد ، يتلقّاه في مطلع شبابه.
وفي عصر كهذا... ، كان الإمام عليهالسلام يتصرّف في حدود ما هو متاح له ، وكان يجهر بالحقيقة ولاتأخذه في الحق لومة لائم ، حتى أن بعض أصحابه قد خاف عليه من السلطة الظالمة ، والبعض دعاه الى التمسك بالتقية.. ففي رواية ينتهي سندها الى صفوان بن يحيى ، قال :
لما مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام وتكلم الرضا عليهالسلام خفنا عليه من ذلك ، فقلت له : إنّك قد أظهرت أمراً عظيماً وإنّا نخاف من هذا الطاغي
________________
(١) الارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢٢٢ و ٢٣٥.
(٢) الأئمة الاثنا عشر / شمس الدين بن طولون : ٩٠.
(٣) الارشاد ٢ : ٢٤٢.