الى نفسه ، واستولى
على دمشق والمنطقة المحيطة بها ، وكاد أن يقيم حكماً أموياً في بلاد الشام ، لولا أن نشب نزاع بين اليمنيين والمضريين ، أضعف قوته ، فنجح الأمين بعد جهود كثيرة استمرت أكثر من عامين في القضاء عليها (١) ، كل تلك العوامل
دفعت المأمون الى الامساك بزمام الامور ، وكان معروفاً بالدهاء والحنكة السياسية ، اذ وجد أن السيطرة على الوضع لاتتم إلا بانهاء القطيعة مع العلويين الذين اشتد ساعدهم وتزايدت ثوراتهم وتوسعت قواعدهم الجماهيرية ، ولهذا قام باستدعاء الامام الرضا عليهالسلام
من المدينة متظاهراً بانه سوف يتنازل له عن الخلافة ، أو على الأقل يوصي له بولاية العهد ، خصوصاً وهو يعلم ان الامام هو زعيم الطالبيين ، وهذا التحول السياسي المدروس بدهاء أبدل الظرف السياسي الخانق الذي كان يحيط بالامام عليهالسلام
الى نوع من الحرية السياسية من حيث الظاهر ، فبينما كان هارون يورد العلويين حياض الموت والذل والجوع ، وأراد لهم أن يأخذوا دور التابع الذليل الذي لاحول له ولاقوة ، أخذ المأمون يقرب العلويين ويتودد إليهم ويغدق عليهم ويشيد بفضلهم ويتظاهر بالدفاع عن حقهم بالحكم ، كما أرجع فدكا على ولد فاطمة عليهاالسلام
، وغدا دورهم دور الشريك الفاعل ، لا دور التابع الخامل ، كما كان الحال في عهود أسلافه. وكل من يتتبّع المجرى العريض لهذا
التحول السياسي ، يجد أن المأمون أراد أن لايسير عكس التيار ، فالتيار الجماهيري العريض كان لصالح العلويين في زمانه ، وكان تيار الحب للعلويين قد تعاظم حتىٰ في عقر داره ________________ (١)
جهاد الشيعة / الدكتورة سميرة الليثي : ٣١٦.