وبالتحديد في عاصمته « مرو » بخراسان. زد على ذلك زيادة تحركات الامام الرضا عليهالسلام في المدينة وهي العاصمة الروحية للخلافة الاسلامية ، ويكفينا الاستدلال على خشية المأمون من العلويين عامة ومن زعيمهم الامام الرضا عليهالسلام على وجه الخصوص ، ماقاله المأمون لقادة العباسيين عندما وجهوا اليه اللّوم والعتاب على تقليده ولاية العهد للرضا عليهالسلام ، قال : قد كان هذا الرجل مستتراً عنا يدعو الناس الى نفسه ، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ، ليكون دعاؤه إلينا ، وليعرف أن الملك والخلافة لنا ، وليعتقد فيه المعتقدون أنّه ليس مما ادعى لنفسه في قليل ولا كثير ، وأن هذا الأمر لنا دونه ، وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينشقَّ علينا منه ما لا نقدر على سدِّه.. وأن يأتي علينا ما لا طاقة لنا به.. (١).
هذا النص يعكس لنا بدون لبس مدى خوف المأمون من تحرك الامام ومن اتساع قاعدته الجماهيرية ، وقد تمكن المأمون من خلال مخطط ولاية العهد من تطويق الامام وعزله عن الناس ووضعه في الاقامة الجبرية في خراسان ، لم يضعوه ـ هذه المرّة ـ في السجون المظلمة كما كان الحال مع أبيه الكاظم عليهماالسلام من قبل ، بل وضعوه في قصور شاهقة وأبنية فارهة ، لم يكن التغير ـ اذن ـ في الجوهر بل في الظاهر ، وقد كان الامام عليهالسلام يشتكي على الدوام من الوضع الخانق الذي يحيط به ، فعيون السلطة ترصد حركاته وسكناته ، وتحجب عنه أقطاب شيعته ، وكان محاطاً بالدسائس والمؤامرات التي تحاك هناك بين أقطاب السلطة أنفسهم من أجل الايقاع به ومنعه من الاتصال بالناس.
________________
(١) دلائل الإمامة / الطبري : ٣٤٠ ـ ٣٨ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨١ ، ح ١٦٠ ، الباب (٤١).