لقد انحسر جانب كبير من قيم وتعاليم الإسلام في واقع الأُمة الثقافي والأخلاقي والسياسي في عصر الامويين والعباسيين ، وأخذ هذا الانحسار يرسّخ جذوره في عمق الواقع الحياتي للأُمة ، وامتدت تأثيراته في مساحات كبيرة من مجتمع المسلمين ، وبدأ المسخ الحضاري لهوية الأُمة.
وقد أصاب القيم الإسلامية اهتزاز كبير وتعرضت روحية الأُمة إلى هبوط واضح ، ووجدت القيم الجاهلية لها مرتعاً خصباً في ظل الحكومات المنحرفة.
في ظل هذا الواقع وجد الأئمة عليهمالسلام أنفسهم أمام مسؤولياتهم الرسالية الكبيرة وعلى رأسها صيانة الفكر الإسلامي من خلال التصدي للتيارات الفكرية ذات الصبغة الانحرافية والتحريفية.
وتجدر الإشارة إلى أن الأدوار التي مارسها الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام في مختلف المراحل ، ليست هي مواقف ارتجالية انفعالية لمواجهة تحديات طارئة ، بقدر ماهي أدوار تنطلق من تشخيص دقيق للظروف الموضوعية التي تمر بها الحالة الإسلامية على كل المستويات.
وغني عن القول أن العوامل السياسية المتغيرة والضاغطة ودرجة وعي الأُمة في كل مرحلة أو مقطع زماني هي من العوامل الأساسية في تنوع أدوار الأئمة تجاه الأمة ، وإن كانت هناك أدوار مشتركة بينهم عليهمالسلام.
لقد استطاع الإمام الرضا عليهالسلام أن يستغل فترة
التحول السياسي الذي أحدثه المأمون في مسار السياسة العباسية تجاه أهل البيت عليهمالسلام من أجل إحداث نقلة نوعية على صعيد الفكر الإسلامي وأن يخرجه من قفص التقليد والجمود السائد ، بعد أن سد الساسة وعلماء البلاط على الناس