منافذ الرؤية السليمة للإسلام من خلال أفكار الجبر والإرجاء ، وحرفوا أذهانهم عن التوحيد الحقيقي بفعل التجسيم والتشبيه وما شابه ذلك. لذلك أراد الإمام عليهالسلام أن يضبط عدسة رؤيتهم على منظور سليم للإسلام مستغلاً الانفتاح الثقافي الذي حدث في عصر المأمون وتشجيعه الحركة الثقافية بمختلف تياراتها واتجاهاتها.
وكان المأمون يستبطن غرضاً شخصياً ذا صبغة سياسية ، فقد حرص على انقطاعه عن الحُجَّة أمام متكلمي الأديان والمذاهب الذين جلبهم من كل حدب وصوب من أجل توهين الإمام عليهالسلام أمام العلماء والرأي العام ، قال الشيخ الصّدوق : كان المأمون يجلب على الرضا عليهالسلام من متكلمي الفرق والأهواء المضلَّة كلَّ من سمع به حرصاً على انقطاع الرضا عليهالسلام عن الحُجَّة مع واحد منهم ، وذلك حسداً منه له ولمنزلته من العلم ، فكان عليهالسلام لا يكلم أحداً إلّا أقرَّ له بالفضل والتزم الحُجَّة له عليه (١).
ولكن إمامنا واجه التحدي وشمر عن ساعد الجد ، وحاجج رؤساء الأديان والملل في ذلك الزمان ، ومن خلال عملية مطارحة الأفكار أذعن قادة الفكر الآخر للأدلة العلمية القاطعة التي أوردها الإمام عليهالسلام حتى أن البعض قد أشهر إسلامه ، كعمران الصابىء. وسوف نستعرض نماذج من مناظراته مع أهل الأديان والعقائد المختلفة أولاً ، ثم نستعرض ثانياً حواراته مع أهل الإسلام ، والتي قدم من خلالها قراءة جديدة لقضايا شائكة كانت وما زالت موضع سجال بين علماء المسلمين ، كقضايا عصمة الأنبياء والإمامة والبداء.
________________
(١) التوحيد / الشيخ الصدوق : ٤٥٤ ، باب (٦٦).