والبعيدة كل البعد عن التنزيه لله تعالى. ففي هذا المجلس الذي هو ـ بحسب تعبيرنا ـ بمثابة مؤتمر فكري عالمي ، وجه إمامنا كلامه للجاثليق قائلاً :
« .. يانصراني والله إنا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما ننقم على عيساكم شيئاً إلّا ضعفه وقلّة صيامه وصلاته ! »
قال الجاثليق : أفسدتَ والله علمك وضعفت أمرك ، وما كنت ظننتُ إلّا أَنَّك أعلمُ أهل الإسلام !
قال الرِّضا عليهالسلام : « وكيف ذلك ؟ ».
قال الجاثليق : من قولك : « إنَّ عيساكم كان ضعيفاً قليلَ الصيام قليل الصلاة » ، وما أفطر عيسى يوما قطُّ ومازال صائمَ الدَّهر ، قائم الليل ! ، قال الرَّضا عليهالسلام : فلمن« كان يصومُ ويُصلّي ؟! » قال : فخرس الجاثليق وانقطع.
قال الرِّضا عليهالسلام : « يا نصراني ، إنِّي أسألك عن مسألة » ، قال : سل ، فإن كان عندي علمها أجبتك.
قال الرِّضا عليهالسلام : « ما أنكرت أن عيسى كان يحيي الموتى بإذن الله عزَّوجلَّ ؟ ».
قال الجاثليق : أنكرت ذلك من قِبَل أنَّ من أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص ، فهو ربّ مستحق لأن يُعبد !
قال الرِّضا عليهالسلام : « فإنَّ اليسع قد صنع مثل ما صنع عيسى ، مشىٰ على الماء وأحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص ، فلم تتخذه اُمّته ربّاً ، ولم يعبده أحد من دون الله عزَّوجلَّ ، ولقد صنع حزقيل النبي عليهالسلام مثل ما صنع عيسىٰ ابن مريم عليهالسلام فأحيا خمسة وثلاثين ألف رجلٍ من بعد موتهم بستين سنةٍ... هذا في التَّوراة لا يدفعه إلّا كافر منكم ».