السجود عرفا كما أومأ إليه في المعتبر ، بل كاد يكون صريح جامع المقاصد ، إلا أنه لما كان ذلك غير منضبط ومما يعسر معرفته على التحقيق ناسب الشارع كما في سائر نظائره وضع تقدير له يتخلص به عن الوسواس والتسامح تقريبي وإن صار بعد ذلك تحقيقيا ، فهو تحقيق في تقريب ، ولذا قال الصادق عليهالسلام لعبد الله بن سنان (١) لما سأله عن السجود على الأرض المرتفعة : « إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس » والمناقشة في سندها باشتراك النهدي بين جماعة منهم من لم يثبت توثيقه يدفعها ـ بعد انجبارها بما سمعت مما يستغنى به عن صحة سندها ـ أن الظاهر كونها الهيثم بن مسروق بقرينة رواية محمد بن محبوب عنه ، وهو ممدوح في كتب الرجال وله كتاب يرويه عنه جملة من الأجلاء منهم محمد بن علي وسعد والصفار ، فحديثه إن لم يكن صحيحا بناء على الظنون الاجتهادية وإلا فهو في مرتبة من الحسن ، كالمناقشة فيها باحتمال قراءتها « يديك » بالياءين المثناتين كما في كشف اللثام ، فلا دلالة فيها حينئذ على الموقف ، إذ هو مجرد احتمال لا يجوز فتحه في النصوص ، مع أنه موجب لحمل الرواية على أمر غير معروف ، مضافا إلى أن الذي عثرنا عليه الأول ، بل قيل : إنه الموجود في جميع كتب الاستدلال والأخبار ، فما في الرياض من أنه ربما يوجد في بعض النسخ كذلك حتى أنه أشكل الاستدلال به لذلك لم نتحققه ، بل ظاهر الاستدلال الأصحاب به والفتوى بمضمونه على اختلاف طبقاتهم ونسخهم وفيهم المثبت غاية التثبت ككشف اللثام وغيره يشرف الفقيه على القطع بعدم هذه النسخة ، وأنه وإن وجد في بعض الكتب فهو من النساخ قطعا ، مع أنه على تقديرها يمكن الاستدلال بالفحوى ، ضرورة أولوية الموقف من اليدين بذلك قطعا ، على أنه قد يشهد للباء الموحدة سؤال عبد الله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب السجود ـ الحديث ١.