من كلام أكثر العامة أن الإقعاء الجلوس على العقبين مطلقا لكن قد يقال : إنه يلزمه الاعتماد على صدور القدمين كما اعترف به في كشف اللثام والمحكي عن البحار ، قال في الأخير : لعل مرادهم المعنى الذي اتفق عليه أصحابنا ، لأن الجلوس على العقبين حقيقة لا يتحقق إلا بهذا الوجه ، فإنه إذا جعل ظهر قدمه على الأرض يقع الجلوس على بطن الأليين لا على العقبين.
قلت : وهو المناسب لما ورد في أخبارنا الذي يحتمل أن يكون هو مستند الأصحاب في ذلك من النهي عن الإقعاء على القدمين ، ضرورة توقف الصدق حقيقة على ذلك ، وإلا كان إقعاء على بعض القدمين ، ولعل الأصحاب من ذلك فهموا إرادة هذا المعنى من الإقعاء ، ضرورة عدم صدق الإقعاء على القدمين على المعنى اللغوي ، لأن القعوين الذين هما أصلا الفخذين على الأرض فيه مضافا إلى ما سمعته في صحيح زرارة من التعليل بالتأذي وعدم الصبر للتشهد والدعاء وعدم القعود على الأرض والقعود بعض على بعض مما لا ينطبق شيء منه على الإقعاء اللغوي الذي قد سمعت أنه وضع الأليتين على الأرض مع نصب الفخذين والساقين ، وربما زيد وضع اليدين مع ذلك كما عن النهاية والمصباح المنير وسمعته عن المغرب ، بل عن الراوندي في حل المعقود من الجمل والعقود « أن الإقعاء بين السجدتين هو أن يثبت كفيه على الأرض فيما بين السجدتين ولا يرفعهما » وهو غريب لا يوافق اللغة ولا الفقهاء وإن كان هو مكروها أيضا لما سمعته سابقا من النص (١) الدال على أنه نقص في الصلاة ، بل عن العامة روايته عن ابن عمر أنه كان يقعي في الصلاة بمعنى أنه يضع يديه على الأرض فلا يفارقان حتى يعيد السجود ، ونحوه في الغرابة أيضا ما عن بعض علمائنا من اعتبار هذا الوضع أيضا مع الجلوس على العقبين في المراد من الإقعاء هنا ، وعبارات الأصحاب تشهد بخلافه.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٥ ـ من أبواب السجود ـ الحديث ١.