نفي الخلاف عن ذلك كدعوى الإجماع ممن عرفت ، كما أنه صح عدم نقل الخلاف في مسألة الحفيرة أيضا مع أن هذه العبارات بمرأى منهم ، فمن العجيب ظنه في الرياض تبعا للذكرى والأستاذ الأكبر الخلاف منهما في مسألة الحفيرة ، بل صح حينئذ دعوى إمكان تحصيل الإجماع في المقامين ، خصوصا بعد عدم ظهور خبر عولوا عليه في الثاني منهما أو إمارة ركنوا إليها ، وما ذاك إلا لأن الحكم قد استغنى بمعلوميته عن حفظ ما جاء به من الأخبار ككثير من المسائل الإجماعية التي لم يظهر لها مستند يعول عليه ، وانما يذكر لها بعض الاعتبارات التي يعلم من حال من يذكرها عدم الاعتماد على ذلك ، كاستدلال المصنف في المقام بأن الجبينين مع الجبهة كالعضو الواحد ، فقام كل منها مقامها ولأن السجود على أحد الجبينين أشبه بالسجود على الجبهة من الإيماء ، والإيماء سجود مع تعذر الجبهة ، فالجبين أولى ، ونحوه الفاضل ، فيظن من يقف على ذلك أن هذا هو المدرك في الحكم المزبور ، وكيف والمصنف قد صرح بعد ذلك بأنه محض اعتبار ، بل المدرك معلومية الحكم وبداهته ، وكثيرا ما يقع في الفقه من هذا القبيل ، فيشدد النكير عليهم من لا درية له ، وقد خالطه حب الإنكار والتشنيع على مثل هؤلاء الأساطين كي يعد في سلكهم ، وأنه ممن ينازلهم في ميدانهم ، وأنه ممن يأتي بالأشياء التي قد خفيت عليهم ، أجارنا الله من ذلك كله ، وإن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ، ومكر الشيطان وإن ضعف لكنه قد يدق.
على أنه قد يستدل للمطلوب بما دل على السجود على الجبهة بناء على شمولها للجبينين كما أوضحناه في باب التيمم ، وأن التقييد بموضع خاص منها للإجماع أو غيره في حال الاختيار ، فيبقى حال الاضطرار على الإطلاق ، أو بما دل على الاجتزاء في السجود بما بين قصاص الشعر إلى الحاجبين من خبر زرارة (١) وغيره من الأخبار
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب السجود ـ الحديث ٥.