عدم تصور دخوله فيها بناء على أن صفة التحليل فيه للمنافاة الثابتة فيه ، وكشف الحال أنه قد ثبت منافاة التسليم للصلاة إما لكونه كلام آدميين أو لغيره مما لا يتصور بعد ذلك دخوله فيها ، ضرورة اعتبار عدم المنافيات فيها لا وجودها ، ولما ورد أنه تحليل الصلاة وأنه به تنقطع لم يكن منافاة بينه وبين ما ثبت أولا ، إذ حاصله بقاء صفة المنافاة التي كانت ثابتة للتسليم لو أوقعه في أثنائها وإن أذن الشارع بفعله في الآخر ، ومنع سريان فساده إلى تمام أجزاء المركب الذي هو كان مقتضى الضابطة في كل مناف عرض لحال من أحوال الصلاة ، سواء قلنا بالكشف لاشتراط صحة ما مضى من أجزاء المركب بصحة الباقي ، فالفساد في المتأخر يكشف عن عدمها في الأول ، أو لم نقل بذلك ، إلا أنه على كل حال بطلان جزء من الصلاة بمناف من منافياتها يقضي ببطلان الجميع ، لاشتراط التركيب فيها ، ولكن لما جعل الشارع تحليلها التسليم الذي قد عرفت أنه أحد المنافيات للصلاة لم يرفع صفة أصل المنافاة عنه كي يحتمل دخوله في الصلاة ، بل منع سريان الابطال الذي حصل به إلى ما مضى من الأجزاء ، وإلا فهو باق على صفة المنافاة ، وأن التحليل به لذلك كما يومي اليه في الجملة المروي في العيون وعن العلل بسند معتبر عن الفضل بن شاذان (١) عن الرضا عليهالسلام « إنما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم كلام المخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها ، وإنما ابتدأ المخلوقون في الكلام أولا بالتسليم ».
فظهر حينئذ أن جهة التحليل في التسليم لبقاء صفة المنافاة فيه التي تمنع دخوله في الصلاة وصيرورته جزءا منها ، ويكفي في ثبوته بها أنه به ينقطع الكون للصلاة ، ولولاه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ١٠.