ومنها ما في جامع المقاصد من أن ظاهر هذه العبارة المخالفة بين الامام والمنفرد والمأموم ، فعلى ما ذكره يكون الإيماء لهما بعد الفراغ من التسليم ، لكنه خلاف المفهوم والمعهود من الإيماء بالتسليم ، قلت : قد يدفع بأنه يريد الفرق بينهما بما ذكرناه لا بذلك وإن كان كلامه في اللمعة يشهد للأول ، إلا أنه لم يفرق فيه بين الجميع.
ومنها أن ما ذكره مشترك الإلزام للقائلين بالوجوب والندب ، ضرورة كراهة الالتفات في واجبها ومستحبها ، ولا محيص عنه إلا بالتزام التخصيص كما اعترف به في جامع المقاصد ، أو بدعوى أنه ليس من الالتفات المكروه بناء على أنه بصفحة الوجه ونحوها مما لا ينافي الاستقبال كما سمعته من المصنف وغيره ، بل عن تعليق النافع التصريح بأن الإيماء غير الالتفات ، والأمر سهل بعد أن عرفت التحقيق في أصل المسألة ، نعم قد يشكل التعدد في المأموم بأنه وإن كان في تلك النصوص دلالة عليه ، بل ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه ، بل ظاهر الصدوق منهم استحباب الثلاث له عملا بما في خبر المفضل (١) كما أن المحكي عنه في الفقيه ووالده الاكتفاء في التسليم على اليسار بوجود الحائط خلاف ظاهر خبر المفضل وغيره ، ولا نعرف لهما شاهدا على ذلك ، لكن قال الشهيدان : « لا بأس باتباعهما ، لأنهما شيخان جليلان لا يقولان إلا عن ثبت ، خصوصا ومثله لا يؤخذ بالرأي » قلت : مع احتمال حمل عبارة الفقيه على ما في خبر المفضل الذي هو مستنده على الظاهر في هذا الحكم ، خصوصا بعد استبعاد قيام الحائط مقام الأحد ، وعدم دليل واضح له عليه ، ولذا أطنب الأستاذ في شرح المفاتيح في إرجاع عبارته إلى ما في الخبر المزبور ، ويكون مخالفا حينئذ بترك السلام على اليمين إذا كان إلى الحائط ويساره إلى مصل ، وهو خلاف ما اتفق عليه الجميع أيضا.
والمحصل من النصوص بعد إرجاع مطلقها إلى مقيدها من استحباب التثنية إن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب التسليم ـ الحديث ١٥.