الدور الثاني ـ أن المراد من تلك النصوص تقدير الحق بذلك لا حصر القسم به ، ولذا جوزناه بالأزيد ، على أن المنساق منها حال اتحادها مع وجوب القسم ابتداء أو مع اجتماعها مع الحرة دون اجتماعها مع الأمة الذي أطلق فيه الليلتان الصادقتان على حالي الاجتماع والتفريق فالأصح حينئذ جواز كل منهما بناء على المختار من جواز القسم بأزيد ، بل لعله كذلك أيضا بناء على القول الأخر ، ضرورة كون الليلتين هنا بمنزلة الليلة حال الاجتماع مع الحرة ، والله العالم.
والكتابية الحرة كالأمة التي هي خير منها ( وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) (١) في القسمة وحينئذ فلو كان عنده مسلمة وكتابية كان للمسلمة ليلتان وللكتابية ليلة بلا خلاف معتد به أجده فيه ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، لإطلاق (٢) إنهن بمنزلة الإماء ، وخصوص الخبر (٣) المنجبر بذلك ، بل عن جماعة عد مثله في الصحيح « للمسلمة الثلثان ، وللأمة والنصرانية الثلث » فتوقف ثاني الشهيدين فيه في المسالك في غير محله وحينئذ ف لو كانت عنده أمة مسلمة وحرة ذمية كانتا سواء في القسمة فتستحقان ليلتين من ثمان
بل المتجه على ذلك ما ذكره غير واحد من الأصحاب قاطعين به من أنه لو كان عنده أمة كتابية كان لها ربع القسمة ، فتستحق ليلة من ست عشرة ليلة ، لئلا تساوى الأمة المسلمة التي هي خير من الحرة الكافرة ، وللأصل مع عدم المخرج عنه سوى إطلاق الخبر المتقدم بالتنصيف للنصرانية ، وليس فيه حجة لتخصيصه بقرينة السياق ـ حيث جعلت في مقابلة الأمة ـ بما لو كانت حرة ، بل ربما ظهر من ذلك دليل آخر للحكم في المسألة السابقة بناء على مخالفة وجوب القسمة لأصالة
__________________
(١) إشارة إلى الآية الكريمة ٢٢١ من سورة البقرة ( وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ).
(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث ١ والباب ـ ٤٥ ـ من أبواب العدد الحديث ١ من كتاب الطلاق.
(٣) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث ٣.