فيه ، ولا ريب أن مهر المثل أو القيمة أو غير ذلك أشياء لم يذكرها المتعاقدان في العقد لا لفظا ولا تقديرا ، وقيمة الشيء انما تجب حكما من الشارع بعد استحقاق ذلك الشيء لا قبل أن يستحق عليه.
فما وقع من جماعة ـ من نحو هذه الأقوال حتى أنه أوجبوا النصف بالطلاق والجميع بالموت ـ واضح الفساد ، بل لعل المتجه عدم جعل محل البحث من المفوضة ، للعلم بعدم وقوع معنى التفويض منها ، بل ما وقع منها من القصد إلى مهرية الخمر والخنزير ينافيه ، فلا متعة لها لو طلقت قبل الدخول ، بناء على اختصاصها بها ، كما لا شيء مع الموت.
وانما يثبت لها مع الدخول مهر المثل الذي لا مدخلية للعقد في وجوبه ، ولذا قد يجب بالوطء شبهة بدون عقد وحينئذ فما قيل : لا يجب مهر المثل لها بل الواجب لها قيمة الخمر أو مقداره خلا أو غير ذلك من الأقوال التي قد عرفت فسادها ـ لا ينبغي الالتفات إليه.
وقد ظهر لك من ذلك أن القول الثاني أي القول بصحة العقد ، وأن لها مهر المثل مع الدخول مع كونه أشهر أشبه بأصول المذهب وقواعده ، كما عرفته بما لا مزيد عليه ، والله العالم بحقيقة الحال.
ولا تقدير في المهر في جانب القلة بل ما تراضي عليه الزوجان وإن قل ما لم يقصر عن التقويم كحبة من حنطة ونحوها مما يعد نقله عوضا من السفه والعبث ، بلا خلاف أجده في شيء من ذلك نصا (١) وفتوى ، بل لعل الإجماع بقسميه عليه.
وكذا لا حد له في الكثرة على المشهور بين الأصحاب ، شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا ، بل لعلها كذلك ، لإطلاق الأدلة وعمومها كتابا (٢) وسنة (٣)
__________________
(١) و (٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب المهور.
(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٤ و ٢٠ وسورة البقرة : ٢ الآية ٢٣٧.