في الدرجة وإن احتمله في القواعد ، لكنه لا دليل عليه ، فان أقصى ما يستفاد من آية أولى الأرحام (١) وغيرها تقديم الأقرب فالأقرب ، فلو كان له أب وجد معسران قدم الأب على الجد ، ثم الجد على أبيه وهكذا. نعم يتساوى الأجداد من الأب مع الأجداد من الأم مع التساوي في الدرجة ، لتساوى درجة الأبوين ، وولد الولد وإن نزل مع الجد وإن علا يتشاركان مع التساوي في النسبة إلى المنفق للتساوي في الدرجة وإن لم يرث الجد مع ولد الولد ، والذكور والإناث من الأولاد يتشاركون بالسوية وإن اختلفوا في الميراث ، لانتفاء الدليل هنا على الاختلاف ، كما يحكم بالتشارك بالسوية في الأبوين وفي الأجداد.
بقي شيء ، وهو أن ظاهر الأصحاب وجوب النفقة على القريب مع الشرط ، وهو على إطلاقه مشكل ، إذ قد يمنع في ذات الزوج المعسر مثلا حتى لو كانت اما أو بنتا ، وإلا لكان الواجب لها نفقتين إحداهما دين على زوجها والأخرى على قريبها ، والمفهوم من الأدلة أن لا واجب إلا نفقة واحدة ، نعم لو فرض سقوط خطابه بها بالإعسار كما في نفقة القريب اتجه حينئذ خطاب البعيد بها ، فتأمل جيدا ، والله العالم.
وكيف كان فمما قدمناه سابقا في ترتيب المنفق ظهر لك الوجه في :
المسألة ( الثالثة )
وهي لو كان له أب وجد موسران فنفقته على أبيه دون جده ، ولو كان له ابن وأب موسران كانت نفقته عليهما بالسوية فلاحظ وتأمل ، ولو كان الأقرب مثلا معسرا والأبعد موسرا فدفع النفقة ثم أيسر الأقرب كانت النفقة على الأقرب ، ولكن لا رجوع للأبعد بها عليه ، نعم لو فرض يساره مع وجود عينها بيد المنفق عليه أمكن الرجوع بها ، لأنها إمتاع بيده ، والخطاب قد توجه إلى الأقرب بيساره ، ولو كان له ولدان
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ ـ الآية ٧٥.