منفعة أو عملا بلا خلاف ولا إشكال ، بل لعل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى أصول المذهب وقواعده في الجملة.
إنما الكلام في أنه هل هو ضمان معاوضة لقوله تعالى (١) ( وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) وإطلاق اسم الثمن عليه ، والتعبير بلفظ المعاوضة في نحو « زوجتك بكذا » وجواز من التمكين قبل القبض ، ورده بالعيب كما ستعرف ، ونحو ذلك ، أو ضمان يد كالعارية المضمونة ، والمقبوض بالسوم ونحوهما ، لتسميته نحلة ، وجواز خلو العقد عنه ، وعدم انفساخه بتلفه ، وعدم سقوطه بامتناعها من التمكين إلى الموت ، ونحو ذلك؟ المعروف عندنا الثاني ، بل لم أجد الأول قولا لأحد من أصحابنا ، وإنما هو لبعض العامة ، إذ لو كان ضمان معاوضة لاقتضى تبعيض العقد ، ضرورة عدم انفساخه بتلفه ، الذي هو ليس بأولى من عدمه من أول الأمر ، وإنما ينفسخ بالنسبة إليه خاصة ، وهو تبعيض للعقد من غير دليل شرعي ، فليس هو حينئذ إلا ضمان معاوضة.
ولذا قال الشيخ في المحكي من مبسوطة بعد أن حكى عن العامة الخلاف : « والذي يقتضيه مذهبنا في كل مهر معين إذا تلف فإنه يجب قيمته ، ولا يجب مهر المثل ، وأما المهر إذا كان فاسدا فإنه يوجب مهر المثل بلا شك » وما سمعته منا ومن الفاضل من وجوب مهر المثل فيما لو بان خمرا ونحوه إنما هو إذا بان فساده ، لا ما إذا كان صحيحا ثم تلف ، والبحث السابق في الصحة ولو باعتبار إرادة القيمة أو المثل والفساد ، وقد عرفت أن الأقوى الأخير.
وحينئذ ف في الفرض لو تلف قبل تسليمه بفعل المرأة بريء وكان الإتلاف منها كالقبض ، وإن تلف بفعل أجنبي تخيرت بين الرجوع على الأجنبي أو الزوج وإن كان لو رجعت على الزوج رجع هو به على الأجنبي ، وإن تلف بفعل الزوج أو بغير فعل أحد كان ضامنا له بمثله إن كان مثليا ، وبقيمته إن كان قيميا ، والأقوى اعتبار قيمته وقت تلفه وإن طالبته
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٥.