وكذا لا يجوز له المقاصة مع إعسارها لأن قضاء الدين فيما يفضل عن القوت ولذا استثنى للمفلس ، نعم لو رضيت هي بذلك لم يكن له الامتناع إلا مع المخالفة لجنس الحق أو مع التضرر له بضعفها عن حقه.
بقي شيء ، وهو أنه لو فرض مساواة ماله عليها لما تستحقه عليه هل يقع التهاتر قهرا وإن كانت معسرة؟ يحتمل ذلك ، واستثناء القوت إنما هو فيما لو استوفى لا ما إذا حصل الوفاء قهرا ، باعتبار عدم تصور أنه يملك عليه ما يملكه عليه ، إذ ليس هو إلا كلى واحد ، وحينئذ فلا ينقدح إشكال في قوله : « ولو رضيت بذلك » إلى آخره بأن يقال مع اتحاد الجنس يقع التهاتر قهرا ، ومع اختلافه له الامتناع حينئذ فتأمل جيدا ، والله العالم.
( المسألة الثامنة )
نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة عند التعارض بلا خلاف ولا إشكال ، لأهمية النفس عند الشارع. والزوجة مقدمة على الأقارب لكونها من المعاوضة ، ولذا تجب لها مع غناها وفقرها مع غنى الزوج وفقره ، ولو بأن تكون دينا عليه ، بخلاف نفقة الأقارب التي هي من المواساة ، ولذا لا تقضي ولا تكون دينا مع الإعسار ، وحينئذ فما فضل عن قوته صرفه إليها ثم لا يدفع إلى الأقارب إلا ما يفضل عن واجب الزوجة لما عرفت من أنها نفقة معاوضة وتثبت في الذمة نعم تقدم نفقة الأقارب على ما فات من نفقة الزوجة الذي قد صار دينا ، بخلاف النفقة الحاضرة التي هي أعظم من الدين ، ولذا قدمت عليه في المفلس ، فما عن بعض الشافعية ـ من تقديم نفقة الطفل على الزوجة ـ في غير محله ، وأضعف منه احتمال تقديم نفقة القريب مطلقا عليها باعتبار كونها من الديون التي تقدم نفقة القريب عليها كما في المفلس ، وربما أيد بما روى (١) من « أن رجلا جاء إلى
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٣٦٦ وليس فيه « أنفقه في سبيل الله » وانما هو مذكور في الرواية التي رواها الشيخ ( قده ) في المبسوط ج ٦ ص ٣.