في خصوص نفقة القريب أو يقال : إنه لا مثل للعبد إلا بالنسبة إلى حال سيده المختلف باليسار والإعسار والمقام ، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فيستحب أن يطعمه مما يأكله ويلبسه مما يلبسه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « إخوانكم حولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ويلبسه مما يلبس » وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه وقد كفاه حره وعمله فليقعده فليأكل معه وإلا فليناوله أكلة من طعام » وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) : « إذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليدعه فليجلسه معه ، فان أبي فليروغ له اللقمة واللقمتين » وفي محكي المبسوط « والترويع أن يرويه من الدسم » وفي المسالك « وليكن ما يناوله من اللقمة كثيرة تسد مسدا ، دون الصغيرة التي تهيج ولا تقضى النهمة » بل فيها عن بعضهم وجوب أحد الأمرين : أي الاجلاس معه أو ترويغ اللقمة ، وأن الأول أفضل ، لكنه كما ترى ، ضرورة ظهور إرادة التواضع ومكارم الأخلاق ورد شهوة من عالج الطعام منهم من الخبرين كما هو واضح ، ولذا جزم في المسالك وغيرها باستحباب إجلاس رقيقه معه وإطعامه ». خصوصا إذا كان هو المعالج وإن كان قد يتوقف في ذلك تنزيلا للخبر المزبور على الخادم الحر لا المملوك الذي مرتبته أقل من ذلك ، وربما نافي السياسة في تأديبه وتعظيم السيد في نفسه ، والأمر سهل.
وكيف كان ف لو امتنع المولى عن الإنفاق مع قدرته عليه ولو بالتكسب من رقيقه أو منه نفسه ـ فان الظاهر وجوبه عليه بنفقته وإن لم نقل له بالنسبة إلى القريب ، لكونه محبوسا عليه ، ومنافعه مملوكة له ، بل في كشف اللثام أن نفقته أقوى من نفقة الزوجة.
__________________
(١) المستدرك الباب ـ ١٣ ـ من كتاب العتق الحديث ٨.
(٢) كنز العمال ج ٥ ص ١٧ الرقم ٣٧٤ وص ١٨ الرقم ٤٠٨ وص ٢٠ الرقم ٤٣٢ بألفاظ مختلفة متقاربة.
(٣) سنن البيهقي ج ٨ ص ٨.