من الأدلة ، فيبقى أصل البراءة سالما عن المعارض ، نحو ما سمعته في الصغيرة ، والله العالم.
ولو كانت مريضة أو قرناء أو رتقاء لم تسقط النفقة بلا خلاف أجده فيه ، بل وفي كل ما امتنع الاستمتاع فيه لعذر شرعي أو عقلي ، لللأصل وعموم أدلة الإنفاق وإمكان الاستمتاع بما دون الوطء قبلا وظهور العذر فيه فإسقاط النفقة حينئذ به من غير المعاشرة بالمعروف ، ولأنه إن لم تجب النفقة مع دوام عذرها لزم دوام الزوجية بلا نفقة ، وهو ضرر عظيم ، وأيام المرض كأيام الحيض في ظهور العذر وتوقع الزوال ورضاه لما تزوج ، فإن الإنسان لا ينفك عنه دائما ، فاستثناؤها لا ينافي تمامية التمكين ، خصوصا مع علمه وإقدامه على التزويج بمن يتعذر الاستمتاع بها بالوطء ، فكأنه أسقط حقه من التمكين من الوطء ورضى بما عداه فهو التمكين التام في حقه ، إلى غير ذلك مما ذكروه في المقام.
وفيما لو اتفق الزوج عظيم الإله وهي ضعيفة أو كانت ضئيلة وهو غيل يضر وطؤه بها وإن لم يكن عظيم الإله بالنسبة إلى غيره من أنه إذا كان الحال كذلك منع من وطئها ولم تسقط النفقة وكانت كالرتقاء لما عرفت.
لكن لا يخفى على كل ناظر لكلماتهم هنا وضوح التجشم والتهجس عليها ، وأنها لا ترجع إلى دليل شرعي ، خصوصا بعد أن ذكروا أن الموجب لها هو التمكين من الوطء ولا عبرة بغيره من الاستمتاعات ، فإنها مقصودة بالتبع ، وكل ذلك دخل عليهم من دعوى شرطية التمكين المقتضية انتفاء المشروط بانتفائه ولو لعذر عقلي أو شرعي ، ضرورة عدم مدخلية العذر في ذلك بعد عدم الدليل عليه بالخصوص ، وخصوصا من ادعى منهم إجمال الإطلاقات ، أما على ما ذكرناه ـ من أن الثابت من شرطيته الطاعة فيما وجب عليها من حقوق الزوجية الذي يكون انتفاؤه بالنشوز وما عداه يكون داخلا تحت إطلاق الأدلة الذي قد عرفت أنه لا إجمال فيه ـ فالأمر واضح ، والظاهر أنه هو المدرك لهذه الأحكام كلها ، وهذا كله ناش من عدم التأمل في تنقيح الشيء على وجهه وجميع ما يتفرع عليه ، بل يحفظ شيئا ويغيب عنه أشياء