ويبقى يتمحل ويتجشم في الخروج عما ينافي ما سبق إلى بادئ النظر ، والله هو الحافظ والمؤيد والمسدد.
ومن ذلك ما ذكره بعضهم في المريضة من أنها معذورة في الامتناع من التخلية إذا كان الوطء يضرها في الحال أو فيما بعد ، ولا يؤمن الرجل في قوله لا أطؤها لكن قال : « في وجوب النفقة حينئذ لها نظر ، لامتناعها من سائر الاستمتاعات الممكنة ـ ثم قال ـ : نعم لا يظهر خلاف في استحقاق النفقة أيام المرض إذا تمكن من الاستمتاع بها بغير الوطء لقضاء العادة باستثنائها مع بقاء الائتلاف والاستمتاع بسائر الوجوه ».
قلت : بل العادة قاضية بذلك وإن تعذر عليه سائر وجوه الاستمتاع ، لكونها زوجة غير مقصرة فيما وجب عليها من حقوق الزوج بعد فرض معذوريتها شرعا.
نعم لو أنكر التضرر بالوطء رجع إلى أهل الخبرة من الرجال والنساء ، نحو ما ذكروه فيما لو ادعت قرحة في فرجها تمنع الوطء ونحوها من أنها تفتقر مع إنكاره إلى شهادة أربع من النساء ، ولو فرضت شهادة رجلين بذلك فالظاهر الحكم بها ، وإن تعذرت الشهادة أحلفته إن ادعت عليه العلم ، وإن ادعت كبر آلته وضعفها عنها أمر النساء بالنظر إليهما وقت إرادة الجماع ليقض عليه وهو جائز للحاجة ، وربما اكتفى بواحدة بناء على أنه من باب الإخبار ، ولكن ضعفه واضح ، فتأمل جيدا في أصل المسألة ، فإنه من مزال الأقدام ، وقد مضى ويأتي له أيضا مزيد تحقيق.
ومنه أيضا ما ذكروه فيما لو سافرت الزوجة بإذن الزوج فإنه لا خلاف بينهم في أنه لو فعلت كذلك لم تسقط نفقتها سواء كانت في واجب أو مندوب أو مباح متعلق به أو بها إلا ما احتمل في الأخير من سقوطها ، إلا أن الذي استقر عندهم أجمع عدم الالتفات إلى هذا الاحتمال ، وأنه لا فرق مع سفرها باذنه بين أن يكون لمصلحته أو مصلحتها ، معللين ذلك بأن الإذن منه إسقاط لحقه ، فيبقى حينئذ مقتضى حقها بحاله ، وفيه أن المتجه ـ بناء على ما ذكروه من شرطية التمكين ـ السقوط أيضا لصدق انتفائه ، والاذن إنما تفيد عدم نشوزها ، لا تخلف