المسألة ( الثالثة )
قد ذكر غير واحد من الخاصة والعامة أن للمفوضة المطالبة بفرض المهر ، وأن لها حبس نفسها عليه وعلى تسلمه بعده ، وأنهما لو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز ، لأن الحق لهما ، سواء كان بقدر مهر المثل أو أزيد أو أقل ، وسواء كانا عالمين أو جاهلين ، أو كان أحدهما عالما دون الأخر لأن فرض المهر إليهما ابتداء فجاز انتهاء بل ذلك بعد تراضيهما لازم لهما ، فليس لأحدهما الرجوع عما وقع التراضي عليه ، بل يكون حينئذ كالواقع في العقد ، نعم إن اختلفا وكان مفروض الزوجة حينئذ بقدر مهر السنة فصاعدا ففي المسالك « في لزومه من طرفها وجهان من أنه لو فوض إليها التقدير لما كان لها الزيادة عليه ، وكذا للحاكم لما سيأتي ، ومن أن البضع يقتضي مهر المثل والخروج عنه في بعض المواضع ( الموارد خ ل ) على خلاف الأصل فيقتصر عليه ، وكون ذلك للحاكم ممنوع » وفي القواعد وغيرها « وإن اختلفا ففي فرض الحاكم إذا ترافعا إليه نظر ، أقربه أنه يفرض مهر المثل » ولعل وجه النظر أنه إثبات للمهر في ذمة الزوج ، ولا يصح إلا بتراضي الزوجين ، ولا مدخل فيه لغيرهما ، وفيه أن الحاكم معد لقطع الخصومات وليس ذلك منه إثبات مهر في ذمة الزوج ، ضرورة أنها بالعقد ملكت أن تملك ، نعم لا يفرض إلا مهر المثل كما في قيم المتلفات ما لم يتجاوز السنة ، فيرد إليها كما عن التحرير التصريح به ، وأما لو رضيا بفرضه لزمهما ما فرضه مطلقا وافق مهر المثل أو لا ، وافق السنة أو لا ، والأمر في هذا كله سهل.
انما الكلام في دليل الأحكام الأول التي هي المطالبة بالفرض وحبس نفسها عليه وعلى تسليمه ، وأنهما يلتزمان بما تراضيا عليه ، ولعل الوجه فيها بعد ظهور ذكرهم لها ذكر المسلمات في الإجماع عليها أنها بالعقد ملكت أن تملك المهر عليه بالفرض أو الدخول ، فكان لها المطالبة بذلك كي تعرف استحقاقها بالوطء