مقامه ، بل لو قلنا بعدم جواز التصرف له فيه بغير الأكل أمكن دعوى كونه ملكا له أيضا ، لكنه على الوجه المخصوص ، باعتبار كونه مدفوعا إليه بعنوان الإنفاق على نفسه ، والملك على وجه خاص غير عزيز في الشرع ، وقد تقدم نظيره في كتاب الزكاة التي تدفع للفقير على وجه خاص ، وربما يؤيد ذلك إن كان القطع بالاجتزاء عن تكليف النفقة بالدفع إليه كما جزم به في القواعد فقال : « ولو أعطاه النفقة فهلكت في يده لم يستحق ثانيا » بل لعل ذلك كذلك وإن قصر هو وأتلفه في غيرها ، ولا يجب على المنفق البذل جديدا ، ولو كان إمتاعا لكان المتجه ذلك ، وإن اشتغلت ذمته بمثله له أو قيمته يؤديه له عند اليسار ، نحو ما سمعته في نفقة الزوجة الامتاعية ، والتزامه كما هو ظاهر بعض وصريح آخر بعيد عن مذاق الفقه ، نعم قد يقال به ولو قلنا بكونه إمتاعا لقاعدة الاجتزاء.
وعلى كل حال فقد ظهر لك أنه إن لم يكن إجماعا أمكن القول بالملك في خصوص القوت ، بل وغيره مما يتوقف الانتفاع على إتلاف عينه بناء على أن ذلك هو المدرك في الملك لذلك.
ولا يجب إعفاف من تجب النفقة له ولدا كان أو والدا بتزويج أو إعطاء مهر أو تمليك أمة أو نحو ذلك مما يناسب حاله في الإعفاف ، بلا خلاف معتد به أجده فيه ، للأصل السالم عن معارضة إطلاق النفقة في الأدلة السابقة بعد القطع أو الظن بعدم إرادة ما يشمل ذلك من النفقة المزبورة المراد منها ما هو المتعارف في الإنفاق من سد العورة وستر العورة وما يتبعهما ، والمصاحبة بالمعروف المأمور بها في الوالدين (١) إنما يراد بها المتعارف من المعروف ، وليس هو إلا ما ذكرنا ، لا أقل من الشك في ذلك ، والأصل البراءة ، فما عن بعض العامة ـ وجوب إعفاف الأب مع الإعسار ونقصان الخلقة والأحكام أو مع الإعسار فقط لكونه من المصاحبة بالمعروف ، بل في المسالك حكايته عن بعض الأصحاب لذلك ، ولأنه من وجوه حاجاته المهمة فيجب على الابن القيام به ـ واضح الضعف ، ولو كان قادرا على التزويج مالكا للمهر لم يجب
__________________
(١) سورة لقمان : ٣١ ـ الآية ١٥.