على القولين وإن وجبت نفقته بعد ذلك ، وفي المسالك « ويشترط حاجته إلى النكاح ويقبل قوله في الرغبة من غير يمين ، لكن لا يحل له طلبه حيث نقول بوجوبه إلا إذا صادفت شهوته وشق عليه الصبر » وفيه أنه يمكن دعوى عدم اعتبار ذلك بناء على أنه من النفقة التي يكفي فيها تعارف ذلك بالنسبة إليه كغيره من أفراد الإنفاق ، ولا مدخلية للشهوة ونحوها فيه ، بل قد يقال : إن محل البحث بين الأصحاب وجوبه من حيث كونه إعفافا باعتبار أنه من النفقة عرفا ، أما مع فرض الاحتياج إليه لشدة شق أو أذية في مزاج أو نحو ذلك فهو خارج عن البحث وإن كان مندرجا حينئذ في البحث عما يتفق الاحتياج إليه من دواء ونحوه مما لم يكن من النفقة المعتادة ، وفيه وجهان تقدما في الزوجة المأمور بمعاشرتها بالمعروف (١) أيضا كالمصاحبة للوالدين ، وإن كان قد صرح بعضهم هناك بعدم وجوب الدواء وأجرة الفصد ونحو ذلك لها ، إلا أنه تقدم لك أيضا الكلام في ذلك ، فراجع وتأمل ، فإن كثيرا من أحكام النفقة هنا يمكن استنباطه من حكم النفقة هناك ، ضرورة أولوية تلك منها ، ولذا تقدم عليها عند التعارض وتكون دينا كما عرفت.
وكيف كان فقد عرفت أنه يجب على الولد أن ينفق على أبيه مع الشرط في المنفق والمنفق عليه ، وفي بعض نسخ المتن « وعلى زوجة أبيه على تردد » ولم أجده لأحد من أصحابنا ، بل في كشف اللثام حكايته للعامة وجها ، وفي آخر وجوبه لزوجة كل قريب ، وفي ثالث لزوجة الابن أيضا ، لكن في المسالك « ونفقة الزوجة تابعة للاعفاف ، فان وجب وجبت وإلا استحبت ، وكذا القول في نفقة زوجة الأب التي يتزوجها بغير واسطة الابن وأوجب الشيخ في المبسوط نفقة زوجته وإن لم يجب إعفافه ، لأنها من جملة مؤنته وضرورته ، كنفقة خادمه الذي يحتاج إليه ».
قلت : قد يقال : إن محل البحث في وجوبها للزوجة من حيث وجوبها على الأب والتحقيق حينئذ عدم وجوبها عليه ، ضرورة اختصاص الأدلة في وجوب نفقته لا أداء ما عليه من كفارة أو قضاء دين أو أرش جناية أو حق زوجة أو نحوه مما يمكن
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ١٩.