والمراد من الطوليّة أن يكون اللاحق ضامنا لما يؤدّى السابق ، فالمالك له الرجوع إلى أيّ واحد من العادين. فإذا رجع إلى بعضهم فليس لذلك البعض الرجوع إلى السابق ، لأنّ السابق ليس ضامنا لذلك البعض اللاحق له. نعم له أن يرجع إلى لاحقه بناء على أنّ اللاحق يضمن لما يؤدّى اليد السابقة.
وأمّا وجه جواز رجوع المالك إلى كلّ واحد من الأيدي المتعاقبة ـ مع ما عرفت أنّ ضمان الجميع عرضا ـ أي كلّ واحد منهم يكون ضامنا لتمام ذلك المال الواحد ـ محال ، هو أنّ كلّ واحدة منها ضامن ، ولكن طولا لا عرضا.
بيان ذلك : أنّ اليد الأولى والغاصب الأوّل ضامن لنفس المالك ابتداء بنفس المال المغصوب ، بمعنى أنّ نفس المال بوجوده الاعتباري في عهدته كما بيّنّا مفصلا. واليد الثانية ـ أي : الغاصب الثاني ـ ضامن للعين المضمونة بما هي مضمونة ، أي العين التي في ذمّة الضامن الأوّل.
وبعبارة أخرى : المال الذي صار مغصوبا ووقع تحت اليد العادية ، يكون في ذمّة الغاصب بما له من الصفات والخصوصيّات ، تكوينيّة أم اعتباريّة. ولكن ما يقع تحت اليد الأولى ليس إلاّ نفس العين بصفاتها التكوينيّة فقط ، وفي اليد الثانية تقع العين تحتها بما هي مضمونة ، ففي اليد الثانية يزيد على ما وقع تحت اليد الأولى صفة اعتباريّة ، وهي كونها في ذمّة الغاصب الأوّل.
فكما أنّ لو كان للعين صفة خارجيّة تضمن اليد الواقعة عليها تلك الصفة الخارجيّة ، كذلك تضمن الصفة الاعتباريّة لو كانت لها. وحيث أنّ العين المغصوبة تكون في ذمّة الغاصب الأوّل ، ففي الغصب الثاني تكون ذات العين مع صفة كونها في ذمّة الغاصب الأوّل في ذمّة الغاصب الثاني.
وهكذا الحال لو وقع المال تحت يد ألف غاصب ، فما يقع تحت يد الغاصب الأخير ليس هي العين الخارجيّة فقط ، بل العين الخارجيّة مع كونها في ذمّة تسعمائة وتسعة