والمحرّمات كالمكروهات.
وإن شئت قلت : إنّ الأحكام التكليفيّة في حقّهم ثلاثة : فالواجبات والمستحبّات مندوبات ، والمحرمات والمكروهات مكروهات ، إذ لا وجوب ولا حرمة في حقّهم. وأمّا المباح فباق على إباحته ، فالتكاليف منحصرة في حقّهم في ثلاث : المستحب ، والمكروه ، والمباح.
الثاني : أنّه لم يتوجّه إليهم خطاب من طرف المولى أصلا ، لا الوجوبي ولا الاستحبابي ولا التحريمي ولا التنزيهي ، والصبيّ المميّز ـ الذي له شعور وإدراك ـ حاله من هذه الجهة حال غير المميّز.
وأمّا الخطابات المتوجّهة إلى الأولياء بأمرهم لهم بالصلاة والصيام قبل أن يصيروا بالغين فللتمرين ، لا أنّ الأولياء أمروا بأن يأمروا بنفس الصلاة مثلا لمصلحة في نفس الصلاة ، بل أمروا أن يأمروا بالصلاة والصيام لأن يتمرّنوا ويتعوّدوا لكي لا يكون إتيانها بعد الوجوب ثقيلا عليهم ، فليس أمر الأولياء بأن يأمروا الصبيان والأطفال بالعبادات داخلا في مسألة أنّ الأمر بالأمر بشيء هل أمر بذلك الشيء أم لا؟ كي يقال إذا كان الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء ، فتكون العبادات متعلّقا للأمر المولوي ، وبعد الفراغ عن عدم وجوبها على الصبيان لا بدّ وأن تكون تلك الأوامر أوامر ندبيّة ، ففي الحقيقة أمر الشارع للأولياء أن يأمروا صبيانهم بالعبادات تعلّق بعنوان التمرين والتعويد ، أي مرّنوهم وعوّدوهم على الصلاة والصيام.
الثالث : أنّ الشارع أمر الصبيان كالبالغين بهذه العبادات ، لكن أمره بها ليس لمصلحة في أنفسها ، ولذا لو حجّ الصبيّ غير البالغ المستطيع لا يكفي حجّه عن حجّة الإسلام ، وذلك ليس إلاّ لعدم مصلحة في حجّه ، بل أمره لهم بها لمصلحة التمرين فقط ، فكأنّه قال : مرّنوا أنفسكم على الصلاة والصيام أو غيرهما من العبادات. وعوّدوها عليها ، فالمستحبّ عليهم هو عنوان تمرين أنفسهم وتعويدهم على العبادات.