وتظهر الثمرة بين هذا القول والقول الأوّل ، أنّه بناء على القول الأوّل يجوز أن ينوب في عمله العبادي عن غيره بأجرة كي يكون أجيرا ، أو بدون أجرة كي يكون تبرّعا ، لأنّ عمله واجد للمصلحة التامّة بدون نقص فيها ، غاية الأمر رفع الشارع الإلزام عنهم لطفا ورحمة عليهم ، ومن باب الرفق بهم والامتنان ، فيكون رفع التكليف الإلزامي عنهم مثل الرفع في باب الحرج ، وعدم جعله التكاليف الحرجيّة على قول ، وهو رفع الإلزام من دون تغيير في ناحية الملاك ، ولذا لو أتى بها وتحمّل الحرج يكون عمله صحيحا ومجزيا عند أرباب هذا القول.
وأمّا بناء على هذا القول فلا يصحّ أن ينوب عن قبل غيره ، لا مع الأجرة ولا بدونها ، إذ عمله يكون عبادة بحسب الشكل فقط ، ولا روح له ، فلا يجوز إجارته لعمل عبادي ، ولا تبرأ ذمّة الميّت بإتيانه ما فات عنه.
وظهر ممّا ذكرنا الفرق بين القول الثاني والأوّل ، وأنّه بناء على القول الثاني لا يصحّ أن ينوب عن غيره بطريق أولى ، إذ بناء على القول الثالث تكون لعمله مصلحة التمرين ، وإن لم يكن في نفس عبادته من صلاته وصومه وحجّه مصلحة وملاك أصلا.
وأمّا بناء على القول الثاني لا خطاب ولا ملاك ، حتّى ملاك التمرين.
وأمّا الفرق بين القول الثاني والثالث ، هو أنّه بناء على القول الثاني مصلحة التمرين في متعلّق أمر الأولياء ، فالشارع أمرهم بتمرين أولادهم ، فالثواب وجزاء التمرين لهم ، لأنّه مستحبّ عليهم ، ولا ربط لا للملاك ولا للخطاب بالصبيان ، لأنّ خطاب الشارع إلى الأولياء ، ولا خطاب إلى الصبيان أنفسهم.
وأمّا بناء على القول الثالث فالخطاب إلى الصبيان ، لكن لا بملاك في عباداتهم ، بل الملاك في تعوّدهم ، وإلاّ فنفس العبادة التي يأتي بها صرف صورة ويكون بشكل العبادة فقط.