وفيه : أنّ القيود ليست على نسق واحد ، فتارة : يكون القيد من قبيل الفصل ، وذات المقيّد من قبيل الجنس. كما إذا أمره أن يأتي بحيوان ناطق ، وهو لا يقدر على الإتيان بهذا القيد ، ويقدر على إتيان الحيوان غير الناطق. ولا شكّ في أنّ في هذا القسم من القيد والمقيّد لا تجري قاعدة الميسور ، لعين ما ذكره هذا القائل. ولا شكّ في أنّ التركيب بين القيد والمقيّد في هذا القسم اتّحادي.
وأخرى : يكون من قبيل المعرّف لموضوع الحكم وإن كان عرضيّا ، كالجارية الروميّة ، فالقيد في هذا القسم وإن لم يكن منوّعا لذات المقيّد عقلا ، بل أضافه عرضيّة لها ، ولكن ليس أيضا عند العرف عرضا منضما إليها ، وإن كان بحسب الدقّة العقليّة كذلك.
ففي هذا القسم أيضا لا تجري قاعدة الميسور ، فإذا قال المولى : أعتق جارية روميّة ، وهو لا يقدر على ذلك ولكن يقدر على عتق جارية حبشيّة ، فالعرف يرى هذا الأخير مباينا للمأمور به ، فلا تجري هذه القاعدة ها هنا ، وذلك من جهة أنّ الجارية الحبشيّة ليست ميسور الجارية الروميّة عنده. والمناط في تشخيص المفاهيم هو فهم العرف.
وثالثة : عند العرف وبحسب متفاهمهم أيضا يكون وجود القيد خصوصيّة زائدة على وجود ذات المقيّد ، كما في الرقبة المؤمنة. ففي مثل هذا القسم الظاهر جريان هذه القاعدة ، فإذا أمر المولى بالصلاة الجهريّة وهو لا يقدر على إتيانها جهرا لجهة من الجهات ، فهل ترضى من نفسك بأن تقول بعدم كون الصلاة الغير الجهريّة ميسور الصلاة الجهريّة ، ولا يجب عليه شيء حتّى مع قطع النظر عن الأدلّة الخارجيّة وأنّها لا تترك بحال.
والسر في ذلك : هو أنّ العرف يرى الصلاة شيئا ، وكونا جهرا شيئا خارجيّا زائدا على ذات الصلاة ومن الصفات العارضة عليها ، ويرى التركيب بينهما انضماميّا ،