جلب المنفعة وإيصالها إلى الذي يريد أن يحسن إليه فكثيرة أيضا.
فمنها : الأفعال الكثيرة التي تصدر من الأولياء لإيصال النفع إلى المولّين عليهم ، فاتّفق ترتّب الضرر على تلك الأفعال ، فلا ضمان لهم ، لأنّهم محسنون في تلك الأفعال إليهم. مثلا أحد الأولياء هو الحاكم ، فلو تصرّف في مال المولّى عليه لإيصال النفع إليه ، كما أنّه اشتغل في قناة له بالحفر والإصلاح لازدياد الماء ، فصار سببا لانهدام القناة ، فلا ضمان عليه ، لأنّه كان محسنا إليه. أو فتح طريق السيل إلى مزرعته أو بستانه لشرب الماء ونموّ زرعها ، أو نموّ أشجار البستان فاتّفق أنّ ذلك السيل أفسد تلك المزرعة وذلك البستان ، فلا ضمان عليه.
وكذلك لو أعطى الحاكم النقود التي عنده لأجرة العبادات للأجير الذي ثقة عنده فاتّفق أنّه لم يأت بتلك العبادة ومرض ومات ، ولم يترك مالا كي يؤخذ ما أعطاه الحاكم عن تركته ، فلا ضمان على الحاكم ، لأنّه محسن إلى صاحب المال.
وكذلك الحال في الأب والجدّ من طرف الأب بالنسبة إلى أموال صغيرهما ، فلو حبسوا طعامه ومتاعه ولم يبيعاه التماس زيادة الثمن ، فنزل السعر أو فسد الطعام والمتاع ، فلا ضمان عليهما ، لأنّهما محسنان في تأخير البيع.
وهذا فيما إذا كان نزول السعر أو فساد المتاع من باب الاتّفاق ، وإلاّ لو كان النزول أو فساد المتاع غالبيّا ، فتأخير البيع ليس إحسانا ، بل ربما يكون إساءة ، وذلك كالمنسوجات التي مادّتها صوف أو وبر ، فإبقاؤها وتأخير بيعها خصوصا في الصيف يوجب غالبا فسادها وإتلافها ، بواسطة أنّه غالبا تلك المنسوجات في الصيف في معرض أكل العثة.
وهكذا تأخير بيع الفواكه التماس زيادة الثمن ، لأنّ إبقاء الفواكه وتأخير بيعها غالبا ممّا يوجب فسادها ، فالتأخير في أمثال هذه لطلب زيادة الثمن وإيصال النفع ليس إحسانا ، بل يكون في بعض الصور إساءة.