وإمّا قوله تعالى ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) (١) ولا شكّ أنّ من حبسه ومنعه عن عمله واستيفاء منافعه فقد اعتدى عليه ، فله أن يعتدى عليه بمقدار الضرر الذي أورده عليه ويغرمه.
والتحقيق في مسألة تفويت المنافع غير المستوفاة ، هو أنّه إن كانت تفويت المنافع بواسطة وقوع ذي المنفعة تحت يده ، كما لو حبس عبده أو دابّته ومنعهما عن إيجاد منافعهما ، فهذا يرجع إلى ضمان اليد.
والدليل عليه : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعلى اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » وذلك من جهة أنّ اليد على الشيء يد على منافعه ، فكما أنّه يجب إرجاع العين وردّه إلى صاحبه يجب عليه إرجاع المنافع غير المستوفاة أيضا ، لأنّها وقعت تحت يده بتبع وقوع العين تحت يده.
وهذا المعنى لا يمكن في حبس الحرّ ، لعدم إمكان وقوع الحرّ تحت يده ، وعدم صدق الموصول عليه في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما أخذت » لأنّ الحرّ ليس شيئا مأخوذا بحيث يكون الأخذ سلطانا عليه ، ويكون له التصرّف فيه بالبيع والهبة وغير ذلك من التصرّفات ، فلا بدّ لإثبات الضمان فيه إلى التماس دليل آخر غير قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعلى اليد ».
وقد ذكرنا ما قالوا من اندراجه تحت قاعدة الإتلاف ، وقاعدة الاحترام أو الاعتداء في الآية المباركة ، وقد عرفت ما فيها.
والمسألة من حيث الأقوال أيضا فيها اختلاف كثير ، ذكرها شيخنا الأعظم قدسسره في مكاسبه ، وهو بنفسه له كرّ وفرّ. ونسب إلى المشهور القول بالضمان (٢).
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٩٤.
(٢) « كتاب المكاسب » ص ١٠٥.