البيوع الثلاثة المذكورة في الرواية ـ جدّيا لا صوريّا ومقدّمة للبيع الثاني ، أي البيع الثالث من البيوع الثلاثة المذكورة في الرواية.
ولا شكّ في أنّ البيع الأوّل إن كان صوريّا غير جدّي ، فلم يصير الثاني ـ أي الذي طلب العينة ـ مالكا ، فبيعه من البائع الأوّل باطل وفيه بأس ، لأنّه « لا بيع إلاّ في ملك » (١) فلا يكون لها ربط بمحلّ كلامنا ، أي كون الشرط الفاسد مفسدا.
ولكن أنت خبير بأنّ ما ذكره قدسسره أكثر تكلّفا من الاستدلال ، لأنّ ظاهر الرواية تعليق عدم البأس على اختيار البائع والمشتري في البيع والشراء ، وعدم كونهما ملزمين بواسطة التزامهما ، أو إلزام الغير إيّاهما على البيع والشراء شرعا ، ولا شكّ في أنّ التزامهما أو إلزامهما شرعا بالأمرين لا بدّ وأن يكون بواسطة الشرط ، فعدم البأس معلّق على عدم الشرط.
وأمّا في صورة وجود ذلك الشرط الفاسد ففيه بأس ، ومنشأ البأس ليس إلاّ فساد الشرط.
وأجيب : أيضا عن ذلك الدليل : بأنّ كون البيع فيه بأسا لا يدلّ على فساده ، إذ البأس يصدق مع الحرمة التكليفيّة وإن لم يكن فساد وضعا في البين.
وفيه : أنّ الحرمة وإن لم تكن ملازمة مع الفساد ، إلاّ أنّه لا وجه للحرمة التكليفيّة بدون الفساد ، وذلك من جهة أنّ الحرمة التكليفيّة لا بدّ وأن يتعلّق بفعل اختياري يكون فيه مفسدة ملزمة ، وأيّ مفسدة يمكن أن يكون في البيع الثاني كي يكون حراما.
ومنها : رواية عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام قال : سألته عن رجل باع ثوبا بعشرة دراهم ثمَّ اشتراه بخمسة دراهم ، أيحلّ؟ قال : « إذا لم يشترط
__________________
(١) « عوالي اللئالي » ج ٢ ، ص ٢٤٧ ، ح ١٦ ، نحوه ، « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٢٥٢ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، باب ٢ ، ح ١ ، نحوه ، « المستدرك » للحاكم ، ج ٢ ، ص ١٧ ، نحوه.