أقول : قد تكرّر منّا عدم صحّة التمسّك بأمثال هذه الإجماعات ـ على فرض تحقّقه ـ في إثبات الاعتبار ، وذلك من جهة معلوميّة مدرك إجماعهم واتّفاقهم ، ولا أقلّ من احتمال كون مدركهم هذه الأدلّة التي سنذكرها ، ومع وجود هذا الاحتمال فلا يبقى مجال استكشاف رأي المعصوم عليهالسلام بالحدس القطعي من هذا الإجماع والاتّفاق.
ومنها : قوله عليهالسلام : « لا صدقة ولا عتق إلاّ ما أريد به وجه الله عزّ وجلّ » (١).
بناء على أنّ ماهيّة الوقف من أنواع الصدقة ، فهو صدقة خاصّة ، ولذا وصفوها عليهمالسلام في الروايات العديدة بـ « لا تباع ولا توهب ولا تورث » (٢) فيكون مفهوم الوقف أخصّ من مفهوم الصدقة ، ولذلك عبّر عنه بالصدقة في جميع أصناف الوقف.
فالصدقات على أقسام : منها : الوقف ، ومنها : الزكاة ، ومنها : غيرهما من الصدقات الواجبة والمندوبة.
وقد عبّر عن الوقف على الولد بالصدقة في بعض الروايات ، كرواية عليّ بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يتصدّق على بعض ولده بطرف من ماله ، ثمَّ يبدو له بعد ذلك أن يدخل معه غيره من ولده؟ قال عليهالسلام : « لا بأس بذلك » (٣).
واحتمال إرادة غير الوقف من الصدقة بعيد.
وخلاصة الكلام : أنّ تعبيرهم عليهمالسلام عن الوقف بالصدقة كثير في الروايات في الأقسام المختلفة من الوقف ، في الوقف على الجهات ، وعلى العناوين ، وعلى الذريّة والأولاد ، فادّعاء أنّ النسبة بينهما عموم من وجه لا يخلو عن مجازفة.
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٠ ، باب ما يجوز من الوقف والصدقة. ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٥١ ، ح ٦١٩ ، باب الوقوف والصدقات ، ح ٦٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣١٩ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ١٣ ، ح ٢ و ٣.
(٢) تقدم راجع ص ٢٣٢ ، هامش رقم (٢).
(٣) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٣٧ ، ح ٥٧٥ ، باب الوقوف والصدقات ، ح ٢٢ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٠١ ، ح ٣٨٩ ، باب من تصدّق على ولده الصغار. ، ح ٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٠٠ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٥ ، ح ١.