ومنها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيان الوقف على ما رواه ابن أبي جمهور في عوالي اللئالي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « حبس الأصل وسبل الثمرة » (١) حتّى أنّ أكثر الفقهاء عرّفوا الوقف بأنّه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة ، ويقول في القاموس : وسبله تسبيلا : جعله في سبيل الله تعالى (٢).
فبناء على هذا المعنى يكون حقيقة الوقف عبارة عن حبس الأصل وتوقيفه عن التقلّبات في عالم الاعتبار التشريعي ، وجعل ثمرته ومنفعته في سبيل الله ، وهل مع هذا يبقى شكّ في أنّ قصد القربة داخل في حقيقة الوقف؟!.
وقال الشيخ قدسسره في النهاية : وعلى كلّ حال ، فالوقف والصدقة شيء واحد ، ولا يصحّ شيء منهما إلاّ ما يتقرّب به إلى الله تعالى ، فإن لم يقصد بذلك وجه الله لم يصحّ الوقف (٣) ، انتهى.
وممّا ذكرنا يظهر ما في كلام صاحب الجواهر قدسسره (٤) من حصول القطع للفقيه بعدم اعتباره بأدنى ملاحظة فيما ذكره من الوجوه لعدم الاعتبار ، فإنّا لاحظنا في جميع ما ذكره ولم يحصل لنا الظنّ ، فضلا عن القطع.
وأمّا ما ذكره من عدم كون الوقف صدقة لعدم اعتبار الفقر فيه مع اعتباره فيها ، فلا يدلّ على عدم كونه صدقة ، لأنّه من الممكن أن تكون أصناف الصدقة مختلفة في الأحكام والآثار.
وأمّا صحّة الوقف على الكافر أو من الكافر ، فلا ينافي اعتبار القربة. أمّا على الكافر الذمّي إذا كان أحد أبويه ، لأنّه يمكن أن يتقرّب به إلى الله في إحسانه إليهم الذي أمر به الله ، بل وفي غير الأبوين من الكفّار غير الحربيّين لا ريب في حسن
__________________
(١) تقدم راجع ص ٢٣١.
(٢) « القاموس المحيط » ج ٣ ، ص ٣٩٣ ، « السبيل ».
(٣) « النهاية » ص ٥٩٦.
(٤) « جواهر الكلام » ج ٢٨ ، ص ٩.