داخلا فيه أو شريكا معه ، فبناء على هذا لا يصحّ الوقف على نفسه.
وقد ادّعى الإجماع على اعتبار هذا الشرط تارة ، وعدم إمكان الوقف على النفس أخرى ، لأنّ حقيقة الوقف هو إمّا تمليك المنافع للموقوف عليه وحده ، وإمّا مع العين ، ولا يمكن أن يملك الإنسان نفسه ، لأنّه تحصيل الحاصل ، وهو محال.
وأجيب عن هذا الدليل بأنّ حقيقة الوقف ليس هو التمليك ، لا تمليك العين ولا تمليك المنفعة ، بل حقيقته تحبيس الأصل عن التقلّبات الاعتباريّة الواردة على المال ـ كبيعه وهبته وعتقه والصلح عليه وغيرهما ـ وتسبيل ثمرته ، وأيضا ليس التسبيل أيضا تمليك الثمرة والمنفعة ، بل إباحتها طلبا لمرضاة الله وفي سبيله ، فلا مانع عقلا من جعل نفسه موقوفا عليه أو شريكا معه.
وثالثة دلالة الروايات على عدم جواز الوقف على نفسه ، ولزوم إخراج الواقف الوقف عن نفسه :
منها : مكاتبة علي بن سليمان بن رشيد قال : كتبت إليه ـ يعني أبا الحسن عليهالسلام ـ جعلت فداك ليس لي ولد ولي ضياع ورثتها عن أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان ، فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك لي أن أقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين ، أو أبيعها وأتصدّق بثمنها عليهم في حياتي؟ فإني أتخوّف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي ، فإن وقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيّام حياتي أم لا؟ فكتب عليهالسلام : « فهمت كتابك في أمر ضياعك ، فليس لك أن تأكل منها من الصدقة ، فإن أنت أكلت منها لم تنفذ إن كان لك ورثة ، وبع وتصدّق ببعض ثمنها في حياتك ، وإن تصدّقت أمسك لنفسك ما يقوتك مثل ما صنع أمير المؤمنين عليهالسلام » (١).
__________________
(١) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٧ ، باب : ما يجوز من الوقف والصدقة والنحل. ، ح ٣٣ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ٢٣٨ ، ح ٥٥٧٠ ، باب : الوقف والصدقة والنحل ، ح ٤ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٢٩ ، ح ٥٥٤ ، باب : الوقوف والصدقات ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٢٩٦ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٣ ، ح ١.