ومنها : خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام أنّ رجلا تصدّق بدار له وهو ساكن فيها ، فقال عليهالسلام : « الحين أخرج منها » (١).
وفيه : أنّ هاتين الروايتين أجنبيّتان عمّا هو محلّ الكلام.
أما الأولى منهما : فالسؤال فيه عن جواز أكله عنها بعد وقفه على الفقراء المفروض في الرواية ، فأجاب عليهالسلام بالعدم ، لأنّه صدقة ووقف على الفقراء ، وهو ليس من الموقوف عليهم ، فلا يجوز له أن يأكل منها ، وهذا المعنى غير مربوط بجواز الوقف على نفسه وعدمه.
وأمّا الثانية : فالأمر فيه أوضح ، لأنّ السؤال عن أنّ الرجل تصدّق بداره التي يسكن فيها ، وظاهر هذه العبارة أنّه تصدّق بها على غيره ، فهو ليس من الموقوف عليه ، فيجب خروجه عنها فورا ، ولذلك أمر عليهالسلام به.
فظهر ممّا ذكرنا أنّه لا دليل في المسألة يدلّ على عدم جواز الوقف على النفس استقلالا أو تشريكا إلاّ الإجماع ، وما ذكرنا من عدم صحّة الوقف على نفسه مستقلا أو تشريكا على فرض تسليمه فيما إذا كان الواقف بنفسه موقوفا عليه مستقلا أو تشريكا معهم.
وأمّا لو وقف على عنوان ينطبق عليه أيضا ، كعنوان الفقراء والفقهاء ، فالظاهر صحّة مثل هذا الوقف ودخوله فيهم ، وجواز أخذه من ثمرة المال الموقوف وانتفاعه بها ، وليس من قبيل الوقف على النفس ، لأنّ الموقوف عليه هي الطبيعة الكلّية ، لا الأشخاص.
ولذلك لا يملكون الثمرة إلاّ بعد الأخذ وتطبيق الطبيعة ، وذلك من جهة أنّ أخذ
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٣٨ ، ح ٥٨٢ ، باب : الوقوف والصدقات ، ح ٢٩ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ١٠٣ ، ح ٣٩٤ ، باب : من تصدّق بمسكن على غيره. ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٢٩٧ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٣ ، ح ٤.