وقول بصحّته حبسا لا وقفا ، وصحّة الشرط أيضا. وبه قال في الشرائع (١).
والأقوى هو القول الأوّل بناء على عدم كون التأبيد داخلا في ماهيّة الوقف ، وهو واضح ، وإلاّ فالقول الثالث الذي قال به في الشرائع ، وذلك من جهة أنّ التأبيد لو كان شرطا في تحقّق ماهية الوقف ، فحيث أنّ مرجع هذا الشرط إلى عدم التأبيد ، فلا يقع الوقف قطعا ، فيدور أمره بين البطلان بالمرّة ، أو وقوعه حبسا.
فإن قلنا : بأنّ الوقف والحبس حقيقتان مختلفتان ، فيكون باطلا بالمرّة ، لأنّ الذي قصده الواقف ـ وهو الوقف ـ لم يقع ، لعدم التأبيد ، والحبس أيضا لا يقع ، لأنّ العقود تابعة للقصود ولكن حيث قلنا بأنّهما حقيقة واحدة ـ غاية الأمر الفرق بينهما بخصوصيّة زائدة على الماهيّة والحقيقة ، بل تكون تلك الخصوصيّة من العوارض المصنّفة وهي التأبيد ـ فيقع حبسا ويصحّ الشرط أيضا ، لعدم كونه مخالفا لمقتضى العقد ولا للكتاب والسنّة ، لأنّ عود الملك إلى الحابس ليس مخالفا للكتاب ، ولا الحبس يقتضي عدمه.
فالعمدة في المقام هو أنّ التأبيد داخلا في حقيقة الوقف وتحقّق ماهيّته ، أم لا؟
فإن لم يكن داخلا في حقيقة الوقف فيصحّ الوقف والشرط ، كما ذهب إليه المشهور ، لأنّه قصد الوقف ، وشرط رجوعه إليه عند الحاجة مناف لإطلاق عقد الوقف لا له مطلقا ، فلا مانع من صحّة الوقف والشرط جميعا.
وأمّا إن كان داخلا في حقيقة الوقف ، وكان الوقف والحبس حقيقتين مختلفتين ، فلا يقع شيء منهما. وهو القول الثاني الذي ذهب إليه ابن إدريس وادّعى عليه الإجماع.
وأمّا إن كانا حقيقة واحدة مع اعتبار التأبيد في الوقف شرعا في تحقّق الوقف ، فيقع حبسا ويصحّ الشرط أيضا ، وهو قول صاحب الشرائع.
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢١٧.