ثمَّ إنّه لمّا رجّحنا فيما تقدّم في شروط صحّة الوقف اعتبار التأبيد ، فلا يمكن الموافقة مع قول المشهور. ولمّا رجّحنا أنّ الوقف والحبس حقيقة واحدة ، فلا بدّ ـ بناء على ما رجّحنا ـ من الذهاب إلى ما قاله في الشرائع من صحّة الشرط ووقوعه حبسا.
هذا بحسب القواعد.
وهناك روايتان تمسّك كلّ واحد من الطرفين من القائلين بالصحّة والبطلان بهما :
أحدهما : خبر إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يتصدّق ببعض ماله في حياته في كلّ وجه من وجوه الخير قال : إن احتجت إلى شيء من المال فأنا أحقّ به ، ترى ذلك له وقد جعله لله يكون له في حياته ، فإذا هلك الرجل يرجع ميراثا أو يمضي صدقة؟ قال عليهالسلام : « يرجع ميراثا على أهله » (١).
الثاني : قوله عليهالسلام : « من أوقف أرضا ثمَّ قال : إن احتجت إليها فأنا أحقّ بها ثمَّ مات الرجل ، فإنّها ترجع إلى الميراث » (٢).
ويروي هذا الخبر في المستدرك عن دعائم الإسلام بدل « أرضا » « وقفا » ، وبدل « ترجع إلى الميراث » « رجع ميراثا » (٣) والمعنى واحد.
والظاهر أنّ الثلاثة خبر واحد ، فتارة نقل مسندا ، وأخرى نقل مرسلا.
وعلى كلّ حال الذي يستدلّ بها على بطلان الوقف يقول قوله عليهالسلام : « ترجع إلى الميراث » أو « رجع ميراثا » أو « يرجع ميراثا على أهله » كلّها تدلّ على عدم صحّة هذا الوقف وبطلانه ، لأنّ الوقف لا يرجع ميراثا إلى أهله ، وباق إلى أن يرث الله
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٤٦ ، ح ٦٠٧ ، باب الوقوف والصدقات ، ح ٥٤ ، وكذلك ، ج ٩ ، ص ١٣٥ ، ح ٥٦٨ ، باب الوقوف والصدقات ، ح ١٥ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٢٩٧ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٣ ، ح ٣.
(٢) « دعائم الإسلام » ج ٢ ، ص ٣٤٤ ، ح ١٢٨٨ ، ذكر ما يجوز من الصدقة وما لا يجوز.
(٣) « مستدرك الوسائل » ج ١٤ ، ص ٤٧ ، أبواب كتاب الوقوف والصدقات ، باب ٢ ، ح ٣.