من نفي القصد هذا المعنى في عقد المكره فهو.
وإن كان لحوق الرضا فيما بعد لا يجعل العقد الواقع بدون قصد إنشاء المعنى عقدا مقصودا ، فيكون العقد باطلا ، لما ذكرنا من أنّ العقود تابعة للقصود.
ولكن هذه الدعوى باطلة ليس لها أصل ، لأنّ المكره أيضا مثل المختار يقصد إنشاء المعنى باللفظ ، غاية الأمر أنّه ليس له طيب النفس بوقوع مضمون العقد في عالم التشريع ، وإن كان مراده هذا المعنى الذي ذكرناه من عدم قصده ، فهذا لا يضرّ بصحّة العقد بعد حصول الرضا وطيب النفس.
وأمّا احتمال اعتبار مقارنة الرضا وطيب النفس لحال الإنشاء لا دليل عليه ، بل الإطلاقات كقوله تعالى ( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) (١) و « لا يحلّ مال امرء مسلم » تدلّ على خلافه ، فأيّ وقت لحق بالمعاملة الرضا يصدق عليها أنّها تجارة عن تراض ، وأنّها عن طيب النفس ، فلا وجه لبطلان وقف المكره إذا لحقه الرضا كسائر معاملاته.
ثمَّ إنّ ها هنا وردت روايات على صحّة وقف الصبيّ الذي بلغ عشرا ، وكذلك وصيّته وعتقه ، وهي :
الأوّل : خبر زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إذا أتى على الغلام عشر سنين ، فإنّه يجوز في ماله ما أعتق ، أو تصدّق ، أو أوصى على حدّ معروف وحقّ فهو جائز » (٢).
الثاني : خبر جميل بن درّاج ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : « يجوز طلاق الغلام إذا كان
__________________
(١) النساء (٤) : ٢٩.
(٢) « الكافي » ج ٧ ، ص ٢٨ ، باب : وصية الغلام والجارية التي لم تدرك وما يجوز منها وما لا يجوز ، ح ١ ، « الفقيه » ج ٤ ، ص ١٩٧ ، ح ٥٤٥١ ، باب : الحد الذي إذا بلغه الصبي جازت وصيته ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٨١ ، ح ٧٢٩ ، باب : وصية الصبي والمحجور عليه ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٢١ ، من أحكام الوقوف والصدقات ، باب ١٥ ، ح ١.