كما إذا اشترط في عقد الإجارة عدم تصرّف المستأجر في الدار المستأجرة أصلا ، أو عدم استمتاع الزوج من الزوجة أصلا في عقد النكاح ولو بالنظر أو التقبيل ، فتجويز الشارع بيع الوقف في بعض الأحيان ـ كالصور المتقدّمة ـ دليل على عدم المضادّة بينهما.
وأما توهّم الثاني ـ أي : كونه خلاف الكتاب والسنّة لكونه مخالفا للأدلّة الشرعيّة المانعة عن بيع الوقف ـ ففيه أنّ مفاد تلك الأدلّة ليس عدم جواز بيع الوقف مطلقا ، بل عدم جوازه ما لم يكن دليل على الجواز ، ولذلك لا معارضة بين أدلّة الجواز وبين الأدلّة المانعة.
وإن شئت قلت : إنّ الأدلّة المانعة تدلّ على عدم الجواز بعنوانه الأوّلي ، وأدلّة الجواز عند طروّ حالة أو فيما إذا شرط الواقف ، فيكون قوله عليهالسلام « الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها » وقوله عليهالسلام : « المؤمنون عند شروطهم » (١) يدلّ على نفوذ الشرط بلا معارض.
هذا ، مضافا إلى أنّه يمكن أن يقال : إنّه بناء على أنّه يجب أن يشتري بثمنه بعد بيعه بدله وجعله وقفا فلا إشكال قطعا ، وليس خلاف مقتضى العقد يقينا ، وذلك لأنّ كون البيع خلاف الكتاب والسنّة على فرض صحّته يكون فيما لو أتلف ثمنه ، وكذلك كونه خلاف مقتضى العقد ، أمّا لو اشترى بدله فالوقف باق ببقاء الجامع بينهما ، لأنّ عقد الوقف لم يتعلّق بالخصوصيّة العينيّة. هذا ما أفاده شيخنا الأستاذ (٢) تبعا لشيخنا الأعظم (٣) قدسسرهم.
ولكن أنت خبير بأنّ قوله : « وقفت هذا » يكون مثل قوله : « بعت هذا » وفي كليهما المشار إليهما هو هذا الشخص الخارجي ، فيتعلّق الوقف بخصوصيّتها العينيّة الشخصيّة ،
__________________
(١) تقدم راجع ص ١٩١ ، هامش رقم (٤).
(٢) النائيني في « المكاسب والبيع » ج ٢ ، ص ٣٨٣.
(٣) « كتاب المكاسب » ص ١٦٨.